الأنوار الكاشفة لما في كتاب «أضواء على السنة» - ط السلفية
الناشر
المطبعة السلفية ومكتبتها / عالم الكتب
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أقول: المعروف بين أهل العلم قولهم «الكتاب والسنة» ثم يقسمون دلالات الكتاب إلى قطعية وغيرها، والسنة إلى متواتر وآحاد، وإلى قول وفعل وتقرير- إلى غير ذلك من التقسيمات. وسيأتي ذكر «ثلاث مراتب» من صاحب المنار، وننظر فيه.
فأما منزلة السنة جملة من الدين فلا نزاع بين المسلمين في أن ما ثبت عن النبي ﷺ من أمر الدين فهو ثابت عن الله ﷿، ونصوص القرآن في ذلك كثيرة، منها (٨٠:٤ من يطع الرسول فقد أطاع الله) وكل مسلم يعلم أن الإيمان لا يحصل إلا بتصديق الرسول فيما بلغه عن ربه، وقد بلغ الرسول بسنته كما بلغ كتاب الله ﷿.
ثم تكلم الناس في الترتيب بالنظر إلى التشريع، فمن قائل: السنة قاضية على الكتاب/ وقائل: السنة تبين الكتاب. وقائل: السنة في المرتبة الثانية بعدالكتاب. وانتصر الشاطبي في الموافقات لهذا القول وأطال، ومما استدل به هو وغيره قول الله ﷿ (٨٩:١٦ويوم نبعث في كل أمة شهيدًا عليهم من أنفسهم وجئنًا بك شهيدًا على هؤلاء، ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة للمسلمين. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون)
قالوا: فقوله «تبيانًا لكل شيء» واضح في أن الشريعة كلها مبينة في القرآن. ووجدنا الله تعالى قد قال في هذه السورة (٤٤:١٦ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) فعلمنا أن البيان الذي في قوله (تبيانًا لكل شيء) غير البيان الموكول إلى الرسول. ففي القرآن سوى البيان المفصل الوافي بيان مجمل وهو ضربان: الأول: الأمر بالصلاة والزكاة والحج
1 / 21