الأنوار الكاشفة لما في كتاب «أضواء على السنة» - ط السلفية
الناشر
المطبعة السلفية ومكتبتها / عالم الكتب
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الناس، وقد قال أبو رية ص ٢١ «قد ثبت أن النبي ﷺ كان يصدق بعض ما يفتريه المنافقون» ونقل ص ١٤٢ عن صاحب المنار محتجًا به قوله «والنبي ﷺ ما كان يعلم الغيب، فهو كسائر البشر يحمل كلام الناس على الصدق إذا لم تحف به شبهة، وكثيرًا ماصدق المنافقين والكفار في أحاديثهم» فهل يدّعي أبو رية لنفسه درجة لم يبلغها النبي ﷺ ولا غيره؟ إذن فلن نعدم ممن عرف ما في كتابه هذا وأضعاف أضعافه من يعارضه قائلًا: قد حصل لي ملكة وذوق أعلى مما حصل لك، وأنا أعرف بطلان هذا الذي احتججت به، فتسقط الدعويان، ويقوم العقل والعدل. أما ذكره عن علماء الأمة فستأتي حكايته في ذلك ونبين حالها إن شاء الله.
والحق أنه لم يكن في علماء الأمة المرضيين من يرد حديثًا بلغه إلا لعذر يحتمله له أكثر أهل العلم على الأقل، ولو كان حال أبي رية في الرد والعذر كحال أحدهم لساغ أن يقال: يسعه ما يسعهم، وإن كان البون شاسعًا جدًا. ولكن له شأن آخر كما يأتي.
قال: قال ابن أبي ليلى «لا يفقه الرجل في الحديث حتى يأخذ منه ويدع» وقال عبد الرحمن بن مهدي «لا يكون إمامًا في الحديث من تتبع شواذ الحديث، أو حدث بكل ما يسمع، أوحدث عن كل أحد»
أقول: هذا موجه إلى فريق من الرواة كانوا يكتبون ويروون كل ما يسمعون من الأخبار، يرون أنه ليس عليهم إلا الأمانة والصدق وبيان الأسانيد، تاركين النقد والفقه في الحديث والإمامة لغيرهم. فأما الأخذ والرد للعمل والاحتجاج، فكل أحد يعلم أنه يؤخذ ما يصح، ويترك ما لا يصح. ومر قريبًا حال أو رية في هذا.
قال أبو رية «ولما كان هذا البحث لم يعن به أحد من قبل كما قلنا ...» أقول: قد تقدم أن الذي يسوغ له ادعاؤه هو أنه جمع في كتابه هذا ما لم يجمع
1 / 13