الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية

أبو أسماء محمد بن طه ت. غير معلوم
65

الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية

الناشر

دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

مكان النشر

القاهرة - دار سبل السلام - الفيوم

تصانيف

ولما نزلت ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)﴾ أقبلت أم جميل أروى بنت حرب، امرأة أبي جهل وهي تنشد: مذمم أبينا، ودينه قلينا، وأمره عصينا، ورسول الله ﷺ جالس في المسجد ومعه أبو بكر ﵁ فلما رأها أبو بكر قال: يا رسول الله قد أقبلت وأنا أخاف أن تراك، فقال رسول الله ﷺ: "إنها لن تراني" وقرأ قرآنًا فاعتصم به، فوقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله ﷺ، فقالت: يا أبا بكر إني أُخبرت أن صاحبك هجاني، فقال: لا ورب هذا البيت ما هجاك، فولت وهي تقول: قد علمت قريش أني بنت سيدها (١). وكأنَّ الله تعالى أراد ألا يُسب نبيه من هؤلاء. فعَنْ أبي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: "أَلَا تَعْجَبُونَ كَيفَ يَصْرِفُ الله عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ؟! " قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: "يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا، وَأَنَا مُحَمَّدٌ، وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا، وَأَنَا مُحَمَّدٌ" (٢). وكان الْمُشْرِكُونَ إذا سمعوا القرآن يجهر به الرسول ﷺ وهو يصلي بأصحابه مستخفيًا يسبون الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فأمره الله تَعَالَى أن يتوسط بالقراءة بحيث يسمعه أتباعه دون المشركين، فأنزل الله تعالى: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١١٠)﴾ [الإسراء: ١١٠] (٣).

(١) صحيح: أخرجه الحاكم (٣٣٧٦) كتاب: التفسير، تفسير سورة بني إسرائيل، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي "التعليقات الحسان" (٦٤٧٧)، "صحيح السيرة" للألباني (١٣٨). (٢) صحيح: أخرجه البخاري (٣٥٣٣)، كتاب: المناقب، باب: ما جاء في أسماء رسول الله ﷺ، أحمد ٢/ ٢٤٤، ٣٤٠، ٣٦٦. (٣) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٧٢٢)، كتاب: التفسير، سورة بني إسرائيل، مسلم (٤٤٦) كتاب: الصلاة، باب: التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية بين الجهر والإسرار إذا خاف من الجهر مفسدة.

1 / 67