الأذكار للنووي ت الأرنؤوط
محقق
عبد القادر الأرنؤوط ﵀
الناشر
دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
روينا في " شرح السنّة " للإِمام أبي محمد البغوي ﵁ قال ﵀: لا بأسَ أن يُسمَّى القائم بأمر المسلمين: أمير المؤمنين، والخليفة، وإن كان مخالفًا لسيرة أئمة العدل، لقيامه بأمر المؤمنين وسمع المؤمنين له.
قال: ويُسمَّى خليفة لأنه خلفَ الماضي قبلَه، وقام مقامه.
قال: ولا يُسمى أحدٌ خليفة الله تعالى بعد آدم وداود عليهما الصلاة والسلام.
قال الله تعالى: (إني جاعِلٌ في الأرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة: ٣٠] وقال تعالى: (يا دَاوُدَ إنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفةً في الأرْضِ) [ص: ٢٦] وعن ابن أبي مُليكة أن رجلًا قال لأبي بكر الصديق ﵁: يا خليفة الله، فقال: أنا خليفة محمد ﷺ، وأنا راضٍ بذلك.
وقال رجلٌ لعمرَ بن العبد العزيز ﵁: يا خليفة الله، فقال: ويلَك لقد تناولتَ تناولًا بعيدًا، إن أُمّي سمّتني عمر، فلو دعوتني بهذا الاسم قبلتُ، ثم كَبِرتُ فكُنِّيتُ أبا حفص، فلو دعوتني به قبلتُ، ثم وليتموني أمورَكم فسمَّيتُوني أمَير المؤمنين، فلو دعوتني بذاك كفاك.
وذكر الإِمام أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري الفقيه الشافعي في كتابه " الأحكام السلطانية " أن الإِمامَ سُمِّيَ خليفةً، لأنه خلفَ رسولَ الله ﷺ في أُمته، قال: فيجوز أن يُقال الخليفة، على الإِطلاق، ويجوز خليفة
رسول الله.
قال: واختلفوا في جواز قولنا خليفة الله، فجوّزه بعضُهم لقيامه بحقوقه في خلقه، ولقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ في الأرْضِ) [فاطر: ٣٩] وامتنع جمهورُ العلماء من ذلك، ونسبُوا قائلَه إلى الفجور، هذا كلام الماوردي.
قلتُ: وأوّلُ مَن سُمِّي أميرَ المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم.
وأما ما توهمه بعضُ الجهلة في " مسيلمة " فخطأٌ صريح، وجهلٌ قبيح، مخالف لإِجماع، العلماء، وكُتبهم متظاهرة على نقلُ الاتفاق على أن أوّل مَن سُمِّي أميرَ المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁.
١٠٩٣ - وقد ذكر الإِمام الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ في كتابه " الاستيعاب " في أسماء الصحابة ﵃ بيان تسمية عمر أمير المؤمنين أوّلًا، وبيان سبب ذلك، وأنه كان يُقال في أبي بكر ﵁ خليفة رسول الله ﷺ .
فصل:
يحرمُ تحريمًا غليظًا أن يقولَ للسلطان وغيره من الخلق شاهان شاه، لأن معناه: ملك الملوك، ولا يُوصف بذلك غير الله ﷾.
١٠٩٤ - وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: " إنَّ أخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى رَجُلٌ يُسَمَّى مَلِكَ الأمْلاكِ " وقد قدّمنا بيان هذا في " كتاب الأسماء " وأن سفيانَ بن عيينة قال: ملك الأملاك، مثل شاهان شاه.
1 / 361