الأذكار للنووي ت الأرنؤوط
محقق
عبد القادر الأرنؤوط ﵀
الناشر
دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
عنه، وتَسقط رواياته وشهادته، ويبطلُ العمل بفتواه، ويذهبُ ركون النفوس إلى ما يقولُه من العلوم، وهذه مفاسد ظاهرة، فينبغي له اجتناب أفرادها، فكيف بمجموعها؟ فإن احتاج إلى شئ من ذلك وكان محقًّا في نفس الأمر لم يظهره، فإن أظهرَه أو ظهرَ أو رأى المصلحةَ في إظهاره ليعلم جوازه وحكمُ الشرع فيه، فينبغي أن يقولَ: هذا الذي فعلتُه ليس بحرام، أو إنما فعلتُه لتعلموا أنه ليس بحرام إذا كان على هذا الوجه الذي فعلتُه، وهو كذا وكذا، ودليلُه كذا وكذا.
٩٨١ - روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن سهل بن سعد الساعديّ ﵁ قال: " رأيتُ رسولَ الله ﷺ " قامَ على المِنبر، فكبَّرَ وكبر الناس وراءه، فقرأ وركع وركع الناس خلفه، ثم رفع، ثم رجع القهقرى فسجد على الأرض، ثم عادَ إلى المنبر حتى فرغَ من صلاتِه، ثم أقبلَ على الناس فقال: أيُّها النَّاسُ إنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأتَمُّوا بِي وَلِتَعَلَّمُوا صَلاتي ".
والأحاديثُ في هذا الباب كثيرةٌ.
٩٨٢ - كحديث " إنها صفية " (١) .
٩٨٣ - وفي البخاري " أن عليًّا شربَ قائمًا وقال: رأيتُ رسولَ الله ﷺ فعلَ كما رأيتموني فعلتُ " والأحاديثُ والآثارُ في هذا المعنى في الصحيح مشهورة.
(بابُ ما يقولُه التابعُ للمتبوعِ إذا فعلَ ذلك أو نحوه)
اعلم أنه يُستحبّ للتابع إذا رأى من شيخه وغيره ممّن يُقتدى به شيئًا في ظاهره مخالفة للمعروف أن يسأله عنه بنيّة الاسترشاد، فإن كان قد فعلَه ناسيًا تداركَه، وإن كان فعلَه عامِدًا وهو صحيحٌ في نفس الأمر، بَيّنه له:
٩٨٤ - فقد روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أُسامة بن زيد ﵄ قال: " دفعَ رسولُ الله ﷺ من عَرَفَةَ حتى إذا كان بالشِّعب نزلَ فَبالَ ثم توضأ، فقلتُ: الصلاةَ يا رسول الله، فقال: الصَّلاةُ أمامك "
(١) وهو ما أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود وغيرهم عن صفية قالت: " كان النبي ﷺ معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت لانقلب، فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الانصار، فلما رأيا النبي ﷺ أسرعا فقال ﷺ: على رسلكما إنها صفية بنت حيي، فقالا: سُبْحانَ اللَّهِ يا رسول الله، فقال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا - أو قال: شيئا - ".
(*)
1 / 323