العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

آب ولد اخطور محمد الأمين الشنقيطي ت. 1393 هجري
85

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

محقق

خالد بن عثمان السبت

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

على نفسِه نظرًا إلى اختلافِ صفاتِه، وتنزيلًا لتغايرِ الصفاتِ منزلةَ تغايرِ الذواتِ (^١). ومن أمثلتِه في القرآنِ قولُه جل وعلا: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤)﴾ [الأعلى: الآيات ١ - ٤]، فَالْمُتَعَاطِفَاتُ بالواوِ مدلولُها واحدٌ، إلا أنها عُطِفَتْ بحسبِ تغايرِ الصفاتِ، ونظيرُ هذا من كلامِ العربِ قولُ الشاعرِ (^٢): إِلَى الْمَلَكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ ... وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمْ فَعَطَفَ هذه بعضَها على بعضٍ، مع أن الموصوفَ بها واحدٌ، نظرًا إلى تغايرِ الصفاتِ. والدليلُ على أن (الفرقانَ) كتابُ موسى، وأن مَنْ زَعَمَ أن المعنى: آتَيْنَا مُوسَى الكتابَ، ومحمدًا ﷺ الفرقانَ، أنه قولٌ باطلٌ، بدليل قولِه (^٣) (جل وعلا) في الأنبياءِ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ﴾ [الأنبياء: آية ٤٨]. وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ أي: لأَجْلِ أن تهتدوا كما بَيَّنَّا. أو على أن إنزالَ هذا الكتابِ يُرْجَى منه أن تَهْتَدُوا؛ لأنه مَظِنَّةٌ لذلك، ومحلٌّ للرجاءِ في هُدَاكُمْ بهذا الكتابِ العظيمِ السماويِّ. و﴿تَهْتَدُونَ﴾ معناه: تَسْلُكُونَ طريقَ الْهُدَى، من طاعةِ اللَّهِ جل وعلا، بامتثالِ أوامرِه واجتنابِ نَهْيِهِ.

(^١) انظر: القرطبي (١/ ٣٩٩)، المدخل للحدادي ص٢٣٦، أضواء البيان (١/ ٧٧)، (٣/ ١٩٥). (^٢) انظر: الخزانة (١/ ٢١٦). (^٣) انظر: الدر المصون (١/ ٣٥٩)، الأضواء (١/ ٧٧ - ٧٨).

1 / 89