العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

آب ولد اخطور محمد الأمين الشنقيطي ت. 1393 هجري
83

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

محقق

خالد بن عثمان السبت

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

ومعنى شُكْرِ الرَّبِّ لعبدِه: هو إثابتُه له الثوابَ الجزيلَ من عَمَلِهِ القليلِ. وَيُطْلَقُ الشكرُ من العبدِ، كما في قولِه هنا: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ ومعنى شُكْرِ العبدِ لِرَبِّهِ: هو أن يستعملَ نِعَمَهُ في طَاعَاتِهِ؛ فهذه العينُ الباصرةُ التي أَنْعَمَ عليه بها شُكْرُهَا أن لا ينظرَ بها إلا إلى ما يُرْضِي اللَّهَ، وهذه اليدُ الباطشةُ التي أَنْعَمَ عليه بها شُكْرُ نِعْمَتِهَا أن لا يبطشَ بها إلا فيما يُرْضِي اللَّهَ، وهذا اللسانُ الذي يُبِينُ به وَيُفْصِحُ عما في ضميرِه شُكْرُهُ أن لا ينطقَ به إلا فيما يُرْضِي اللَّهَ، وهكذا في جميعِ سائرِ النِّعَمِ والْمِنَحِ البدنيةِ والماليةِ إلى غيرِ ذلك. وهذا معنى قوله: ﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمِ مِّنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. وقوله: ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [البقرة: آية ٥٣] (إِذْ) معطوفٌ على ما قَبْلَهُ، وأكثرُ العلماءِ على أنه منصوبٌ بـ (اذْكُرْ) مُقَدَّرًا (^١). وقد بَيَّنَّا مِرَارًا أن الدليلَ على عملِ هذا العاملِ الذي هو (اذْكُرْ) في (إِذْ) أنه مفهومٌ من استقراءِ القرآنِ؛ لكثرةِ إعمالِ (اذْكُرْ) في (إذ) نحو: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ﴾ [الأحقاف: آية ٢١]، ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ﴾ [الأنفال: آية ٢٦]، ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ﴾ [الأعراف: آية ٨٦] وهكذا. و﴿ءَاتَيْنَا﴾ معناه أَعْطَيْنَا، والأَلِفُ فيه مُبْدَلَةٌ من همزةِ فاءِ الفعلِ، فَوَزْنُهُ: (أَفْعَلْنَا) والأصلُ (أَأْتَيْنَا) فَأُبْدِلَتْ همزةُ فاءِ الفعلِ مَدًّا مُجَانِسًا لحركةِ همزةِ (أَفْعَل) (^٢) على القاعدةِ التصريفيةِ الْمُجْمَعِ عليها

(^١) مضى عند تفسير الآية (٥١) من سورة البقرة. (^٢) انظر: معجم مفردات الإبدال والإعلال ص٣٠٢.

1 / 87