العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير
محقق
خالد بن عثمان السبت
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
الجميعِ: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا﴾ الآية [فاطر: آية ٣٣]، لأن هذا أَطَاعَ الشيطانَ وعصى رَبَّهُ فقد وَضَعَ الطاعةَ في غيرِ مَوْضِعِهَا، كما قال تعالى: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾ [الكهف: آية ٥٠].
وقوله: ﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ﴾ [البقرة: آية ٥٢] (عَفَوْنَا) أصلُه من (العفو)، من عَفَت الريحُ الأَثَرَ، إذا طَمَسَتْهُ. فالعفوُ - مثلًا - هو: طَمْسُ اللَّهِ أثرَ الذنبِ بِتَجَاوُزِهِ حتى لا يبقى له أثرٌ يتضررُ به العبدُ (^١). والإشارةُ في قولِه: ﴿ذَلِكَ﴾ إلى اتخاذِهم العجلَ إِلَهًا، وهو ذلك الذنبُ العظيمُ، وأشار إليه إشارةَ البعيدِ؛ لأن مثلَ ذلك الفعلِ يجبُ أن يُتَبَاعَدَ منه تَبَاعُدًا كُلِّيًّا.
وقولُه: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ قال بعضُ العلماءِ: يغلبُ إتيانِ (لعلَّ) في القرآنِ مُشَمَّةً معنى التعليلِ، إلا التي في الشعراءِ: ﴿وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾ (^٢) [الشعراء: آية ١٢٩] وإتيانُ (لَعَلَّ) حرفَ تعليلٍ مسموعٌ في كلامِ العربِ، ومن إتيانِ (لَعَلَّ) للتعليلِ قولُ الشاعرِ (^٣):
وَقُلْتُمْ لَنَا كُفُّوا الْحُرُوبَ لَعَلَّنَا ... نَكُفُّ وَوَثَّقْتُمْ لَنَا كُلَّ مَوْثِقِ
فَلَمَّا كَفَفْنَا الْحَرْبَ كانَتْ عُهُودُكُمْ ... كَشِبْهِ سَرَابٍ بِالْمَلَا مُتَأَلِّقِ
(^١) انظر: القرطبي (١/ ٣٩٧)، الدر المصون (١/ ٣٥٦). (^٢) انظر: البرهان للزركشي (٤/ ٥٧)، الإتقان (٢/ ٢٣٣)، فتح الباري (٨/ ٤٩٨)، أضواء البيان (٢/ ٤١٤) (٦/ ٢٠٤)، الدر المصون (١/ ١٨٩). (^٣) انظر: ابن جرير (١/ ٣٦٤)، القرطبي (١/ ٢٢٧)، الدر المصون (١/ ١٨٩) والمثبت في هذه المصادر: «كَلَمْعِ سراب في المَلا ...».
1 / 85