العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير
محقق
خالد بن عثمان السبت
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
وقوله: ﴿يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ﴾ تقول العربُ: سَامَهُ خَسْفًا، إذا أَوْلَاهُ ظُلْمًا، وأذاقَه عذابًا، ومن هذا المعنى قولُ عمرِو بنِ كلثوم في معلقتِه (^١):
إِذَا مَا الْمَلْكُ سَامَ النَّاسَ ... خَسْفًا أَبَيْنَا أَنْ نُقِرَّ الذُّلَّ فِينَا
وقوله: ﴿سُوءَ الْعَذَابِ﴾ أي: يُذِيقُونَكُمْ ويولونكم سوءَ العذابِ، أي: أصعبَ العذابِ وَأَشَدَّهُ وأفظعَه؛ لأنهم كانوا يعذبونهم بأنواعٍ من العذابِ شاقةٍ ذَكَرَ اللَّهُ بعضًا منها هنا حيث قال: ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾ فالفعلُ المضارعُ الذي هو ﴿يُذَبِّحُونَ﴾ بدلٌ من الفعلِ المضارعِ الذي قَبْلَهُ (^٢) الذي هو ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾ على حَدِّ قَوْلِهِ في الخلاصةِ (^٣):
وَيُبْدَلُ الْفِعْلُ مِنَ الْفِعْلِ كَمَنْ ... يَصِلْ إِلينَا يَسْتَعِنْ بِنَا يُعَنْ
وإنما عُبِّرَ بالتشديدِ في قراءةِ الجمهورِ في قوله: ﴿يُذَبِّحُونَ﴾ دلالةً على الكثرةِ؛ لأنهم ذَبَحُوا كثيرًا من أبنائهم (^٤). ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ﴾ أي: الذكورَ ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾ أي: بناتِكم الإناثَ، يُبْقُوهُنَّ حَيَّاتٍ، ولم يذبحوهن. والنساءُ على التحقيقِ اسمُ جَمْعٍ (^٥) لا واحدَ له من لَفْظِهِ، واحدتُه امرأةٌ.
(^١) شرح القصائد المشهورات (٢/ ١٢٤). (^٢) انظر: الدر المصون (١/ ٣٤٥ - ٣٤٦). (^٣) الخلاصة ص٤٩، وانظر: شرحه في الأشموني (٢/ ١٣٣). (^٤) انظر: القرطبي (١/ ٣٨٥، ٣٨٦). (^٥) اسم الجمع: ما دل على آحاده دلالة الكل على أجزائه، والغالب أنه لا واحد له من لفظه، نحو: (قوم، رهط، طائفة، جماعة) انظر: حاشية الصيان (١/ ٢٩).
1 / 71