العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير
محقق
خالد بن عثمان السبت
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
عَلَى أَنْ لَيْسَ عِدْلًا مِنْ كُلَيْبٍ ... إِذَا رَجَفَ الْعِضَاهُ (^١) مِنَ الدَّبُورِ (^٢)
يعني أن القتلى التي قَتَلَهَا بكليب من بني بكرِ بنِ وائلٍ لا تُماثِلُهُ في الشرفِ ولا تُسَاوِيهِ، وإنما كَسَرَ العينَ لأنهم من جنسٍ واحدٍ. وهذا معنى قوله: ﴿وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ﴾.
﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ أصلُ النصرِ في لغةِ العربِ إعانةُ المظلومِ. ومعنى هنا ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ أي: ليس لهم مُعِينٌ يَدْفَعُ عنهم عذابَ اللَّهِ.
وفي هذه الآيةِ الكريمةِ سؤالٌ عربيٌّ معروفٌ، وهو أن يقولَ طالبُ العلمِ: أَفْرَدَ الضميرَ في قولِه: ﴿وَلَا يُقْبَلُ منهَا﴾ ﴿وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا﴾ أَفْرَدَهُ مؤنثًا، وَجَمَعَهُ مُذَكَّرًا في قولِه: ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ مع أن مَرْجِعَ هذه الضمائرِ واحدٌ؟ (^٣).
الجوابُ ظاهرٌ، لأن قولَه: ﴿لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ نكرةٌ في سياقِ النفيِ، والنكرةُ في سياقِ النفيِ تَعُمُّ (^٤)، وعمُومُها يجعلُها شاملةً لكثيرٍ من أَفْرَادِ النفوسِ، فَأَنَّثَ الضميرَ وَأَفْرَدَهُ في قولِه: ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا﴾ ﴿وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا﴾ نَظَرًا إلى لفظِ النفسِ، وَجَمَعَ الضميرَ المذكرَ في قولِه: ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ نظرًا إلى معنَى النكرةِ في
_________
(^١) العِضاه من الشجر: كل شجر له شوك، وقيل: ما عظُم من شجر الشوك وطال واشتد شوكه، وقيل غير ذلك، انظر: اللسان (مادة: عضه) (٢/ ٨٠٨).
(^٢) هي ريح تهب من جهة الغرب تقابل الصَّبا. ويقال: تُقبل من جهة الجنوب ذاهبة نحو المشرق. انظر: المصباح المنير (مادة: دبر) ص٧٢
(^٣) انظر: البحر المحيط (١/ ١٩١).
(^٤) انظر: البحر المحيط في أصول الفقه (٣/ ١١٠، ١١٨)، شرح الكوكب المنير (٣/ ١٣٦)، أضواء البيان (٥/ ٣٦٢)، (٦/ ١٣٠).
1 / 69