300

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

محقق

خالد بن عثمان السبت

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

حتى تفهموا عن اللَّهِ آياتِه.
﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: آية ٥١].
﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ﴾ الخطابُ للنبيِّ ﷺ، وأصحُّ الأقوالِ في مرجعِ الضميرِ: أنه راجعٌ للقرآنِ (^١) المُعبَّرِ عنه بقولِه: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَاّ مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ ﴿وَأَنذِرْ بِهِ﴾ أَنْذِرْ بما يُوحَى إليكَ - الذي لا تتبعُ إلا إياه - أَنْذِرْ به الذين يخافونَ.
وفي الآيةِ هنا سؤالٌ، وهو: لِمَ قَصَرَ الإنذارَ على الذين يخافونَ أن يُحْشَرُوا في حالِ كونِهم مُتَجَرِّدِينَ من الأولياءِ والشفعاءِ من دونِ اللَّهِ، مع أن القرآنَ إنذارٌ للأَسْوَدِ والأَحْمَرِ ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ﴾ عن بكرةِ أَبِيهِمْ ﴿نَذِيرًا﴾ [الفرقان: آية ١] وكقولِه: ﴿أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ﴾ [يونس: آية ٢] لِمَ خَصَّ هنا الذين يخافون؟ (^٢).
أجابَ بعضُ العلماءِ عن هذا السؤالِ: بأن من أساليبِ القرآنِ العظيمِ، واللغةِ العربيةِ، أن يُقْصَرَ الفعلُ على الذين ينتفعون به؛ لأن غيرَ المنتفعِ به هو في شأنِه كَلَا شَيْءٍ. ونظيرُ الآيةِ من القرآنِ: ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ﴾ [ق: آية ٤٥] مع أنه تذكيرٌ للأَسْوَدِ والأحمرِ ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾ [يس: آية ١١] وهو منذرٌ للأسودِ والأحمرِ ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ﴾ [فاطر: آية ١٨] وهو منذرٌ للأسودِ والأحمرِ. أي: بأنهم هم الْمُنْتَفِعُونَ.

(^١) انظر: القرطبي (٦/ ٤٣٠)، البحر المحيط (٤/ ١٣٤).
(^٢) انظر: المصدرين السابقين، والأضواء (٦/ ٢٢٤).

1 / 304