العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير
محقق
خالد بن عثمان السبت
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
أَنْذَرَتْهُمُ به الرسلُ في دارِ الدنيا إن لَمْ يُقْلِعُوا عن ذلك التكذيبِ والكفرِ، كما في قولِه هنا: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَاّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ [الأنعام: آية ٤٨].
﴿قُل لَاّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَاّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ﴾ [الأنعام: آية ٥٠].
أولُ الرسلِ الذين أُرْسِلُوا إلى أهلِ الأرضِ بعدَ أن وقعَ فيهم الكفرُ والشركُ بِاللَّهِ: هو نَبِيُّ اللَّهِ نوحٌ، كما قَدَّمْنَا في قولِه: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [النساء: آية ١٦٣].
فَدَلَّ على أنه أولُ ذلك النوعِ الذي يُرْسَلُ إلى الناسِ بعدَ أن كَفَرُوا، وآخرُهم: محمدٌ ﷺ. فَاللَّهُ قال لأَوَّلِهِمْ في سورةِ هودٍ: ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا﴾ [هود: آية ٣١] ومثلُ هذه القصةِ بعينِها كانت فيما أُنْزِلَ على محمدٍ ﷺ حيث قَالَ: ﴿قُل لَاّ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾ [الأنعام: آية ٥٠] قل لهم يَا نَبِيَّ اللَّهِ: لَا أَدَّعِي لكم دَعْوى بعيدةً ولا كاذبةً، ولا أَخْرُجُ لكم عن طَوْرِي وَحَقِيقَتِي، لا أقولُ لكم: إن عندي خزائنَ اللَّهِ.
والخزائنُ: جمعُ الخزانةِ، وهي المحلُّ الذي تُخْزَنُ فيه الأرزاقُ ونحوُها (^١)، فخزائنُ الملوكِ مثلًا: المحلُّ الذي يجعلونَ فيه العدةَ من الطعامِ والسلاحِ وما جَرَى مجرَى ذلك. وَكُلُّ شيءٍ عندَ اللَّهِ في خزانةٍ؛ [لأن الأشياءَ كُلَّهَا في خزائنِ اللَّهِ] (^٢)
(^١) انظر: المفردات (مادة: خزن) ص ٢٨٠، القرطبي (٦/ ٤٣٠).
(^٢) في الأصل: «لأن الله جميع الأشياء كلها في خزائنه».
1 / 290