226

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

محقق

خالد بن عثمان السبت

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

الإطلاقُ الثاني من إطلاقاتِ الضلالِ أن معناه: الغيبوبةُ والاضمحلالُ، وكلُّ شيءٍ غابَ وانعدمَ واضمحلَّ تقولُ العربُ: (ضل). تقول العربُ: «ضَلَّ السَّمْنُ فِي الطعامِ» إذا غابَ واضمحلَّ فيه، وهذا معنًى معروفٌ في كلامِ العربِ، ومنه بهذا المعنى الآيةُ المتقدمةُ: ﴿وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [الأنعام: آية ٢٤] أي: غَابَ وَاضْمَحَلَّ وَزَالَ، ومنه قولُه: ﴿وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ﴾ [السجدة: آية ١٠] يَعْنُونَ أنهم اخْتَلَطَتْ عظامُهم بالأرضِ فَأَكَلَتْهَا فَانْعَدَمَتْ وَاضْمَحَلَّتْ فيها كما يضمحلُ السَّمْنُ في الطعامِ. ومن الضلالِ بهذا المعنى قولُ الأَخْطَلِ (^١):
كُنْتَ الْقَذَى فِي مَوْجِ أَكْدَرَ مُزْبِدٍ قَذَفَ الأَتِيُّ بِهِ، فَضَلَّ ضَلَالَا
وقولُ الآخَرِ (^٢):
أَلَمْ تَسْأَلْ فَتُخْبِرَكَ الدِّيارُ عَنِ الْحَيِّ الْمُضَلَّلِ أَيْنَ سَارُوا
فقولُه: «الحيِّ المضللِ» أي: الذي ذَهَبَتْ به الأيامُ، وانقضى ذِكْرُه فغابَ وَاضْمَحَلَّ.
الإطلاقُ الثالثُ من إطلاقاتِ الضلالِ: هو الذهابُ عن معرفةِ الشيءِ، لا عن طريقِ الصوابِ، ولا جنةٍ ولا نارٍ، بل كُلُّ شيءٍ ذَهَبَتْ عن حقيقةِ معرفةِ الواقعِ فيه تقولُ العربُ: «ضَلَّ عَنْهُ»، ومنه بهذا

(^١) ديوان الأخطل (٢٥٠).
والقذى: الأوساخ التي تطفو على الموج.
والأكدر: الذي تغير لونه من الأوساخ.
والأتي: السيل الذي يأتي من كل مكان.
(^٢) البيت في القرطبي (١/ ١٥٠)، الدر المصون (١/ ٧٦).

1 / 230