217

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

محقق

خالد بن عثمان السبت

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

[المنافقون: آية ٤] أي لِفَصَاحَتِهِمْ وحلاوةِ ألسنتِهم، مع أنه يحكمُ بأنهم بُكْمٌ.
وهذا (الصَّمَمُ) وهذا (البَكَمُ) المرادُ به: أنهم صُمٌّ عن سماعِ ما يُقَرِّبُهُمْ إلى اللَّهِ ويدخلُهم الجنةَ، وإن سَمِعُوا غيرَه، بُكْمٌ عن النطقِ بالحقِّ وإن تَكَلَّمُوا بغيرِه.
والعادةُ المعروفةُ في العربيةِ: أنهم يطلقونَ على قليلِ الْجَدْوَى اسمَ (لا شيءَ). وأنهم يُطْلِقُونَ على السماعِ الذي لا فائدةَ فيه، اسمَ: (الصَّمَمِ) (^١). ومنه قولُ قُعْنُبِ ابْنِ أُمِّ صَاحِبٍ (^٢):
صُمٌّ إِذَا سَمِعُوا خَيْرًا ذُكِرْتُ بِهِ ... وَإِنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا
ومعنى (أَذِنُوا): أَنْصَتُوا بآذانٍ صاغيةٍ. فهو يقولُ: (صُمٌّ إذا سَمِعُوا) يُصَرِّحُ بأنهم صُمٌّ في الوقتِ الذي يصرحُ بأنهم يسمعونَ، كما في الآياتِ؛ لأن السماعَ الذي لا فائدةَ فيه يُطْلَقُ عليه اسمُ (الصَّمَمِ) وقد قال النبيُّ ﷺ لَمَّا سُئِلَ عن الكهانِ، قال في الكهان: «لَيْسُوا بِشَيْءٍ» (^٣). نَفَى عنهم اسمَ (الشيءِ) لِخَسَاسَتِهِمْ وقلةِ فائدتِهم، وهذا معروفٌ في كلامِ العربِ.
والذي عليه الجمهورُ: أن هذا الصممَ والعَمَى في الدنيا، كما

(^١) مضى عند تفسير الآية (٣٦) من هذه السورة.
(^٢) مضى عند تفسير الآية (٣٨) من هذه السورة.
(^٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطب، باب الكهانة، حديث (٥٧٦٢)، (١٠/ ٢١٦) وأخرجه في موضعين آخرين، انظر: الحديثين رقم: (٦٢١٣، ٧٥٦١)، ومسلم في الصحيح، كتاب السلام، باب: تحريم الكهانة، وإتيان الكهان، حديث: (٢٢٢٨) (٤/ ١٧٥٠).

1 / 221