العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير
محقق
خالد بن عثمان السبت
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
يعني أَخْرَجَهُنَّ من جحورهن؛ لأن جحورَ الحشراتِ تُسَمَّى أَنْفَاقًا، واحدُها نفقٌ. والسُّلَّمُ: هو المصعدُ إلى الشيءِ، معروفٌ في كلامِ العربِ. والسُّلمُ إلى السماءِ: المصعدُ الذي يُصْعَدُ فيه إلى السماءِ (^١). ومنه قولُ زهيرٍ في معلقتِه (^٢):
وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الْمَنَايَا يَنَلْنَهُ وَلَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ
وَكُلُّ مصعدٍ يصعد فيه الإنسانُ تُسَمِّيهِ العربُ سُلَّمًا، ولو كان مَعْنَوِيًّا، فالشيءُ الذي يُرْتَقَى به إلى الأمرِ - ولو مَعْنَوِيًّا غيرَ محسوسٍ - تقولُ له العربُ: سُلَّمٌ، ومنه قولُ الحطيئةِ (^٣):
الشِّعْرُ صَعْبٌ وَطَوِيلٌ سُلَّمُهْ إِذَا ارْتَقَى فِيهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهْ
زَلَّتْ بِهِ إِلَى الْحَضِيضِ قَدَمُهْ
وقولُه جل وعلا: ﴿فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ﴾ هذا الفعلُ المضارعُ منصوبٌ؛ لأنه معطوفٌ على فعلٍ منصوبٍ، والمضارعُ المعطوفُ على منصوبٍ يُنْصَبُ. والأولُ المنصوبُ قولُه: ﴿فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ﴾ فقوله: ﴿تَبْتَغِيَ﴾ منصوبٌ بـ (أن). وقولُه: ﴿فَتَأْتِيَهُمْ﴾ معطوفٌ عليه، ﴿فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ﴾ قاهرةٍ تقهرهم بها فَافْعَلْ إن قدرتَ، وإن لم تَقْدِرْ على ذلك فَهَوِّنْ عليكَ، وَاعْلَمْ أن أمرَهم بيدِ اللَّهِ، هُدَاهُمْ بيدِه وحسابُهم عليه، فَهَوِّنْ عليكَ.
ثم إن اللَّهَ قال: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى﴾ هذا الْهُدَى الذي يُؤْسِفُكَ أن لم يَهْتَدُوا هو بيدِ اللَّهِ، لو شَاءَ رَبُّكَ ﴿لَجَمَعَهُمْ عَلَى
(^١) مضى قريبا. (^٢) انظر: شرح القصائد المشهورات (١/ ١٢٢). (^٣) ديوان الحطيئة برواية وشرح ابن السكيت ص (٢٩١).
1 / 190