153

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

محقق

خالد بن عثمان السبت

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

ويجوزُ انقسامُ الناسِ إلى جماعاتٍ متعددةٍ، ولا يلزمُ أن يكونوا فريقين فقط، بل يجوزُ أن يكونوا فريقين وأكثرَ، ومن هذا المعنى قولُ نُصَيبٍ (^١): فَقَالَ فَرِيقُ الْقَوْمِ: لَا، وَفَرِيقُهُمْ نَعَمْ [وَقَالَ فَرِيقٌ] (^٢): وَيْحَكَ مَا نَدْرِي واختلفَ العلماءُ في المرادِ بهذا الفريقِ الذين سمعوا كلامَ اللَّهِ وَحَرَّفُوهُ بعدَ أن عَقَلُوهُ (^٣): قال جماعةٌ من العلماءِ: هذا الفريقُ هم علماؤُهم، ومعنى ﴿يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ يسمعونَ كلامَ اللَّهِ يُتْلَى في كتابِه التوراةِ ويفهمونه ﴿ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ﴾ من بعد ما أَدْرَكُوهُ بعقولِهم، فيجدونَ فيه صفاتِ النبيِّ ﷺ: (أبيضَ)، فيحرفونها إلى (أسمرَ)، ويجدونَ من صفاتِه: (رَبْعَة)، فيحرفونها إلى أنه طويلٌ مُشَذَّبٌ، ونحو ذلك من تغييرِ الصفاتِ. فعلى هذا الوجهِ فالفريقُ الذين يسمعونَ كلامَ اللَّهِ: العلماءُ يسمعونَ كتابَ اللَّهِ التوراةَ يُتْلَى ﴿ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ﴾ يعني يُبَدِّلُونَهُ وَيُحَرِّفُونَهُ، ويجعلونَ فيه ما ليسَ فيه، بأن يُحِلُّوا حرامَه، ويحرموا حلالَه، ويغيروا فيه صفاتِ النبيِّ ﷺ، وينكروا بعضَ آياتِه كآيةِ الرجمِ، وما جرى مجرَى ذلك من التحريفِ.

(^١) البيت في الكتاب لسيبويه (٣/ ٥٠٣)، ولفظه: فقال فريق القوم لمَّا نشدتُهم ... نَعَمْ، وفريقٌ لَيْمُنُ الله ما ندري (^٢) في الأصل: وفريق قال. (^٣) انظر: ابن كثير (١/ ١١٥).

1 / 157