150

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

محقق

خالد بن عثمان السبت

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

وقولُه: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ﴾ أي: في شدةِ القسوةِ والصلابةِ، فكما أنكَ لو أردتَ أن تُدْخِلَ ماءً أو دُهْنًا في جوفِ حَجَرٍ صلبٍ أصمَّ لا يمكنُ لكَ ذلك، فلا يمكنُ أن تُدْخِلَ في قلوبِهم خيرًا ولا موعظةً ولا شيئًا ينفعُهم؛ لقساوتها عياذا بالله. وقولُه: ﴿أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ ﴿أَوْ أَشَدُّ﴾ مرفوعٌ عَطْفًا على الكافِ من قولِه: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ﴾ أي: فهي مثلُ الحجارةِ أو أشدُّ قسوةً؛ لأن الكافَ في معنى (مثل). وقيل: عُطِفَ على محلِّ الجارِّ والمجرورِ؛ لأنه في محلِّ رفعٍ خبرُ المبتدأِ، أي: فهي كالحجارةِ، أو فهي أشدُّ قسوةً (^١). و﴿قَسْوَةً﴾ تمييزٌ مُحَوَّلٌ عن الفاعلِ؛ لأنه بعدَ صيغةِ التفضيلِ، على حَدِّ قولِه في الخلاصةِ (^٢): والفَاعِلَ الْمَعْنَى انْصِبَنْ بِأَفْعَلَا مُفَضَّلًا كَأَنْتَ أَعْلَى مَنْزِلَا لأَنَّ ﴿قَسْوَةً﴾ تمييزٌ فاعلٌ في المعنى، فَنُصِبَ بأَفْعَل مُفَضلا تمييزًا مُحَوَّلًا عن الفاعلِ. ثم إن اللَّهَ (جل وعلا) بَيَّنَ أن قلوبَهم أشدُّ قسوةً من الحجارةِ، قال: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ﴾ يعني: إن بعضَ الحجارةِ رُبَّمَا [تَفَجَّرَ منه الأنهارُ] (^٣)، وبعضُها ربما لانَ فتشققَ فخرجَ منه ماءٌ، وقلوبُهم لا تلينُ ولا ينفجرُ منها خيرٌ، لا قليلٌ ولا كثيرٌ.

(^١) انظر: البحر المحيط (١/ ٢٦٣). (^٢) الخلاصة ص٣٤، وانظر: شرحه في الأشموني (١/ ٤٤٥). (^٣) في الأصل: (لانَ فتفجر منه ماء)؛ وذلك لأنه وقع للشيخ ﵀ سهو في الآية السابقة حيث نطق بها هكذا: (لما يتفجر منه الماء) فجاء التفسير هنا كما ترى.

1 / 154