142

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

محقق

خالد بن عثمان السبت

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

مُؤَنَّثٍ، فيجوزُ التأنيثُ مراعاةً للفظِ، والتذكيرُ مراعاةً لِلْمَعْنَى (^١). ومنه في كلامِ العربِ قولُ الشاعرِ (^٢): أَبُوكَ خَلِيْفَةٌ وَلَدَتْهُ أُخْرَى وَأَنْتَ خَلِيفَةٌ ذَاكَ الْكَمَالُ فَأَنَّثَ (الخليفةَ) وأطلقَ عليه لفظُ (الأُخْرَى) نظرًا إلى تأنيثِ لفظِه، مع أنه يجوزُ تذكيرُه؛ لأنه رجلٌ. فقلنا لهم: اضْرِبُوا القتيلَ ببعضِ هذه البقرةِ، فضربوه ببعضِها فَحَيِيَ. وهذا البعضُ الذي ضربوه به منها اختلفَ فيه المفسرون (^٣)، فمنهم مَنْ يَقُولُ: هو لسانُها. ومنهم من يقول: فَخِذُهَا. ومنهم من يقولُ: عَجْبُ ذَنَبِهَا. ومنهم مَنْ يقولُ: الغضروفُ، غضروفُ الأُذُنِ. والحقُّ أن هذا البعضَ الذي ضَرَبُوهُ به منها لا دليلَ عليه، ولا جَدْوَى في تَعْيِينِهِ. وَكَثِيرًا ما يُولَعُ المفسرون بالتعيينِ في أشياءَ لم يَرِدْ فيها دليلٌ من كتابٍ ولا سُنَّةٍ، ولا جَدْوَى تحتَ تَعْيِينِهَا، فَيَتْعَبُونَ بما لا طائلَ تَحْتَهُ، كاختلافِهم في خشبِ سفينةِ نوحٍ من أَيِّ شجرٍ هو؟ وكم كان عرضُ السفينةِ؟ وطولُها؟ وكم فيها من الطبقاتِ؟ وكاختلافِهم في الشجرةِ التي نُهِيَ عنها آدمُ وحواءُ، أَيُّ شجرةٍ هي؟ وكاختلافهم في كلبِ أصحابِ الكهفِ ما لَوْنُهُ، هل هو أسودُ أو أصفرُ؟ وكثير من هذه الأمورِ التي يُولَعُونَ بها ولا طائلَ تَحْتَهَا، ولا دليلَ عليها من كتابٍ وسنةٍ (^٤). غايةُ ما دَلَّ عليه القرآنُ: أنهم

(^١) انظر: البحر المحيط (١/ ٤٣٥). (^٢) البيت لنُصيب بن رباح الأموي، انظر: اللسان (مادة: خلف) (١/ ٨٨٣)، (مادة: فلح) (٢/ ١١٢٦). (^٣) انظر: ابن جرير (٢/ ٢٢٩ - ٢٣١). (^٤) انظر: مقدمة في أصول التفسير ص١٩.

1 / 146