135

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

محقق

خالد بن عثمان السبت

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

حُكْمٌ زِيدَتْ فيه صفاتٌ، ولم ينسخ ذبحُ البقرةِ بالكليةِ، بل بَقِيَ مُحْكَمًا، وإنما زِيدَتْ في البقرةِ صفاتٌ. وأجابَ القائلون بأنه نسخٌ قالوا: زيادةُ هذه الصفاتِ تَضَمَّنَ نَسْخًا في الجملةِ؛ لأن مضمونَ النصِّ الأولِ يدلُّ على أن كلَّ بقرةٍ ذُبِحَتْ كائنةً ما كانت ولو مجردةً عن تلك الصفاتِ [أَجْزَأَتْ] (^١)، فَوَصْفُهَا بالصفاتِ الآتيةِ الجديدةِ نَسَخَ الاجْتِزَاءَ بأي بقرةٍ كانت. وعلى كل حالٍ فهذه مسألةٌ أصوليةٌ هي- مثلًا -: هل يجوزُ النسخُ قبلَ التمكنِ من الفعلِ أو لا يجوزُ (^٢)؟ والجماهيرُ من العلماءِ على أنه جائزٌ وواقعٌ، ومن أمثلتِه: نَسْخُ خمسٍ وأربعينَ صلاةً ليلةَ الإسراءِ بعدَ أن فُرِضَتْ خمسين، ونُسِخَ منها خمسٌ [وأربعون] (^٣)، ثم أُقِرَّتْ خَمْسًا. ومن أمثلتِه قولُه (جل وعلا) في إبراهيمَ فى قصةِ ذبحِ إبراهيمَ لولدِه: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: آية ١٠٧] لأنه أَمَرَهُ أن يذبحَ ولدَه، ونسخَ عنه هذا الأمرَ قبلَ التمكنِ من الفعلِ. والتحقيقُ أن هذا جائزٌ وواقعٌ. ولا شكَّ أن فيه سؤالًا معروفًا، وهو أن يقولَ طالبُ العلمِ: إذا كان الحكمُ يُشْرَعُ وَيُنْسَخُ قبلَ العملِ فما الحكمةُ في تشريعِه الأولِ إذا كان يُنْسَخُ قبلَ أن يُعْمَلَ به؟ الجوابُ: أن التحقيقَ أن حِكْمَةِ التشريعِ منقسمةٌ قسمةً ثنائيةً،

(^١) في الأصل: لأجزأت. (^٢) انظر: المستصفى (١/ ١١٢)، البحر المحيط للزركشي (٤/ ٨١)، شرح الكوكب (٣/ ٥٣١)، شرح مختصر الروضة (٢/ ٢٨١، ٣٠٩)، مجموع الفتاوى (١٤/ ١٤٦، ١٤٧)، نثر الورود (١/ ٣٤٨)، المذكرة ص٧٣. (^٣) في الأصل: وأربعين.

1 / 139