عليه وذكر فضْله وبلائه ونُصرته؛ وهذا مُستمر في غير أبي جهل ممَّن عادى الله ورسوله صلى الله عليه، كما أنه مُستمر في غير أبي بكر ممن أطاع الله ورسوله؛ وإنما الأمور بعواقبها، والمذاهب بشواهدها، والنتائج بمقدماتها، كما أن الفروع بأُصولها، والأواخر بأوائلها، والسُّقوف بأساسها.
ولستُ أدّعي على ابن عبَّاد ما لا شاهد لي فيه، ولا ناصر لي عليه، ولا أذكر ابن العميد بما لا بيّنة لي معه، ولا برهان لدعوايَ عنده، وكما أتوخّى الحقّ عن غيرهما إن اعتراض حديثه في فضل أو نقص، كذلك أعاملها به فيما عُرفا بين أهل العصْر باستعماله، وشُهِرا فيهم بالتحلّي به، لأنَّ غايتي أن أقول ما أحطتُ به خُبرا، وخفظته سماعًا.
وسهلٌ عليَّ أن أقول، لم يكن في الأولين والآخرين مثلهما، ولا يكون إلى يوم القيامة من يَعْشِرهما اصطناعًا للنّاس، وحِلْمًا عن الجُهّال، وقيامًا بالثواب والعقاب، وبذلًا لقنْية المال، ولكلّ ذُخرٍ من الجواهر والعقد؛ وأنهما بلغا في المجد والذِّروة الشمّاء، وأحرزا في كل فضلٍ وعلم قَصَب السَّبق، وأن أهل الأرض دانُوا لهما، وأن النقص لم يشنهما بوجه من الوجوه، وأن العجز لم يَعْترهما في حال من
1 / 79