وعلى ما قدّمت من هذه الكلمات، وأطلت به هذا الباب، فقد امتثلت أمرك وسارعت إليه، وأرجو أن تهب لي فيه رضاك إن وقه موقعه الذي أمّلته، وتهديني إلى الصواب إن زلَّ عن حدّك الذي حدّدته، وما غايةُ أملي به، وقُصارى همّتي منه، إلاّ أن أكون سببًا قويًا فيما حاز لك الشكر منّي، وأوفر عليك الحمد عنّي، وأذاقك حلاوة مدحي وتمجيدي، والشاعر يقول:
العُرف أَصلٌ يُجتَنَى ... مِن فرعِه الثَّمَر الحَمِيدْ
يَبلَى الفَتى في قَبرِه ... وفَعَاله غَضٌّ جَدِيدْ
وسأجعل قصدي نحو السّلامة إذا غلبني اليأس من الغنيمة، وأُضيف إلى متن الحديث فوائد كثيرة، وأجتهد معذِرًا، وأتقصّى معذورًا، وأحكم متكرِّمًا، وأقول ما أقول رائيًا؛ وراويًا؛ على أني لا أثق بالخاطر إذا طاش، ولا باللسان إذا هَمز، ولا بالقلم إذا استرسل، ولا بالهوى إذا اشتمل وسَوَّل؛ فإن الهوى يعمي ويُصمّ، ولعلّ الغيظ يجْرح ويُجهز.
وهذه آفات متداركة لا سبيل إلى التغاضي عنها، والسّلامة
1 / 36