الأصل كالفرع، ولا الأول كالثاني، ولا العلّة كمجلوب العِلة، ولا ما هو قائم كالجوهر، كما هو دائر كالعَرَض؛ فلهذا أضربتُ عن ذكره، وغَنِيت عن الاستظهار به؛ وإذا تمَّت فائدة الكلام فما زادَ عليه لغو، وإذا استقرَّ فيه المعنى فما أَلمَّ به فساد.
والناس - هَداك الله - من هذه الخصال التي ميّزتها والخلال التي نصَصْتُ القول فيها، على أنصباء مختلفة، وهم فيها على غايات متنازحة، بالقلة والكثرة، والضعف والقوّة، والنقصان والزيادة، ومن أجلها يُتوّخون بالحمد على الإحسان، ويخدمون بالشكر على الجميل، ويُحيون بالنصائح الخالصة، ويُحبُّون بالقلوب الصافية؛ ويُثنى عليهم بالقرائح النقيّة، والطّويات المأمونة، ويُذب عنهم بالنيات الحسنة والألسنة الفصيحة ويُعاونون عند الشدائد الحادثة، والنوائب الكارثة، والأمور الهائلة، والأسباب الغائلة، بالمال المَدخور، والنُّصح المنخول، ويُدفع عنهم بالأيدي الباطِشة، والأقدام الثابتة، والأرواح العزيزة، والأنفس الكريمة؛ وكذلك
1 / 29