قال أبو العتاهية: فإن العبد يقول: لو وفقتني لأطعتك، أيكون ما يحتاج إليه العبد نَسيئةً، وما يُطالبه الله به نقّدًا؟ قال المأمون: فما يقطع هذا؟ قال يا أمير المؤمنين، اضرب عنه، فإنّ الدَّست قائمة.
وأرجعُ فأقول: وما خلا الناس منذ قامت الدنيا من تقصير واجتهاد، وبلوغ الغاية، وقصور عن النهاية، وتَشارُك في المحامد والمَذامّ، والمساوي والمحاسن، والمناقب والمثالب، والفضائل والرذائل، والمكارم والملائم، والمنافع والمضارّ، والمَكاره والمسارّ؛ ومن بعض ما يكون للقائل فيه مَنْدوحه، وللشَّاغب به استراحة، وللنّاظر فيه مُتّسع، وللسّامع فيه مُستَمْتع؛ وأحسنهم حالًا، وأسعدهم جَدًّا، وأبلغهم يُمنًا، وأربحهم بضاعة، من كانت محاسنه غامرة لمساويه، ومناقبه ظاهرة على مثالبه، ومادحه أكثر من هاجيه، وعاذره أنطق من عاذله، والمحتَجُّ عنه أنبَهُ من المحتجِّ عليه، والنَّافحُ عنه أصدق
1 / 26