وبأضعافه وأضعاف أضعافه، أَكنتَ تتخيّله في نفسك مُخطئًا ومُبذّرًا ومفسدًا وجاهلًا بحق المال؟ أو كنت تقول: ما أحسن ما فعل! ولَيْته أربى عليه؟ فإن كان ما تسمع على حقيقته، فاعلم أن الذي بدّد مالك، وردَّد مقالك إنما هو الحسد أو شيء آخر من جنسه، فأنت تدَّعي الحِكمة، وتتكلم في الأخلاق وتُزيّف منها الزائف، وتختار منها المُختار. فافطن لأمرك، واطّلع على سرّك وشرك.
هذا ذكرته - أبقاك الله - لتتبين أن الخطأ في العطاء مقبول، والنَّفس تُغضي عليه، والصّواب في المنع مردود، والنفس تقلق منه؛ ولذلك قال المأمون وهو سيّد كريم، وملك عظيم، وسائس معروف: " لأَن أُخطِئَ باذِلًا أَحبُّ إِليَّ من أن أُصيبَ مانعًا "، والشاعر يقول:
لا يَذْهب العُرْفُ بينَ اللهِ والنّاسِ
1 / 24