أخلاق العلماء
الناشر
رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد - السعودية
أخبرنا أبو بكر حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد , حدثنا الحسين بن الحسن المروزي , حدثنا عبد الله بن المبارك , حدثنا الحكم بن موسى بن أبي كردم , وقال غيره: ابن أبي درم , عن وهب بن
[ص: 75]
منبه قال: بلغ ابن عباس رضي الله عنهما عن مجلس , كان في ناحية بني سهم , يجلس فيه ناس من قريش يختصمون , فترتفع أصواتهم , فقال ابن عباس رضي الله عنهما: انطلق بنا إليهم , فانطلقنا حتى وقفنا , فقال ابن عباس رضي الله عنهما: أخبرهم عن كلام الفتى الذي كلم به أيوب في حاله قال أيوب: فقلت: قال الفتى: يا أيوب , أما كان في عظمة الله , وذكر الموت , ما يكل لسانك , ويقطع قلبك , ويكسر حجتك؟ يا أيوب , أما علمت " أن لله عبادا أسكتتهم خشية الله من غير عي , ولا بكم , وإنهم هم النبلاء , الفصحاء , الطلقاء , الألباء , العالمون بالله وآياته , ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله , انقطعت قلوبهم , وكلت ألسنتهم , وطاشت عقولهم وأخلاقهم , فرقا من الله , وهيبة له , وإذا استفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله عز وجل بالأعمال الزاكية , لا يستكثرون لله الكثير , ولا يرضون له بالقليل , يعدون أنفسهم مع الظالمين الخاطئين , وإنهم لأنزاه أبرار , ومع المضيعين المفرطين , وإنهم لأكياس أقوياء , ناحلون , ذائبون , يراهم الجاهل فيقول: مرضى ,
[ص: 76]
وليسوا بمرضى , قد خولطوا , وقد خالط القوم أمر عظيم " قال محمد بن الحسين: " هذه الأخبار تدل على ما وصفنا به العلماء والفقهاء , فإن قال قائل: ولم داخل العلماء هذا الإشفاق الشديد , وخافوا من علمهم هذا الخوف كله؟ قيل له: علموا أن الله عز وجل يسائلهم عن علمهم: ما عملوا فيه؟ فجعلوا مساءلة الله نصب أعينهم , فألزموا أنفسهم شدة الحذر , وأخذوا بالثقة في كل أمرهم. إن قال قائل: فإن العلماء يسألون عن علمهم: ما عملوا فيه؟ قيل: نعم , فإن قال: فاذكر من ذلك ما إذا سمعه العالم انتبه من رقدته , وأخذ نفسه بلزوم أخلاق من ذكرت , والله موفقنا قيل: نعم , إن شاء الله تعالى
صفحة ٧٤