205

الأخلاق عند الغزالي

تصانيف

أن يكون من جهتهم أمر إلزام، لا أمر إكرام، ويعلم الرجل أنه إن امتنع أوذي، او فسدت طاعة الرعية، فتجب عليه الإجابة، لا طاعة لهم بل مراعاة لمصلحة الخلق، حتى لا تضطرب الولاية.

الثاني:

أن يدخل عليهم في دفع ظلم عن مسلم سواه. أو عن نفسه، بطريق الحسبة، أو بطريق التظلم.

وإذا دخل عليك السلطان الظالم زائرا فجواب السلام لا بد منه، والقيام له غير حرام، والأولى تركه إن لم يكن معه أحد. ثم تأخذ في تعريفه ما يجهله، وتخويفه فيما هو مستجرئ عليه. وإرشاده إلى ما هو غافل عنه.

والأفضل فيما يرى الغزالي أن يعتزلهم المرء فلا يراهم ولا يرونه! والأمر كذلك في معاملة قضاتهم، وعمالهم، وخدمهم.

وللغزالي في هذا الباب تفاصيل عجيبة فيما يتعلق بما يقيمون من القناطر والطرقات والمساجد والسقايات والأسواق. وأخص ما يلاحظ أنه إنما يدعو إلى أن يخلص المرء ذمته، مع البعد كل البعد عما يفضي إلى فتنة أو اضطراب. (16) حقوق الأخوة

المراد بالأخوة الصحبة والصداقة، إلى غير ذلك مما تثمر الألفة، والألفة - كما نص الغزالي - ثمرة حسن الخلق، إذ يوجب التحاب والتآلف والتوافق، كما أن سوء الخلق يثمر التباغض، والتحاسد، والتدابر.

ويجب فيما يرى الغزالي أن يكون للرجل أعداء يبغضهم في الله، كما يجب أن يكون له أصدقاء يحبهم في الله.

ولكن الحب في الله، والبغض في الله غامض. ولكشف الغطاء عنه، قسم الصحبة إلى: ما يقع بالاتفاق، كالصحبة بسب الجوار، أو بسبب الاجتماع في المكتب، أو في المدرسة، أو في السوق ، أو على باب السلطان، أو في الأسفار، وإلى ما ينشأ باختيار وبقصد، وهو المراد. إذ لا ثواب ولا عقاب إلا على الأفعال الاختيارية. والصحبة عبارة عن المجالسة، والمخالطة، والمجاورة. وهذه الأمور لا يقصد بها الإنسان غيره إلا إذا أحبه. والذي يحب: إما أن يحب لذاته، وإما أن يحب للتوصل به إلى مقصوده، وذلك المقصود: إما أن يكون مقصورا على الدنيا وحظوظها. وإما أن يكون متعلقا بالآخرة، وإما أن يكون متعلقا بالله تعالى.

حب المرء لذاته وجماله

صفحة غير معروفة