الفضائل السلبية
في مقدورنا أن نقسم الفضائل إلى إيجابية وسلبية: فالأمل فضيلة إيجابية، لأنه يحمل صاحبه على العمل في سبيل الحياة. والزهد فضيلة سلبية، لأنه يرضي صاحبه بما قد يكون عليه من سوء الحال.
وبعد أن نفهم هذا ننظر في الفضائل التي عني بدرسها الغزالي، فنجدها في الأغلب فضائل سلبية: من ذلك فضيلة الفقر، وفضيلة الزهد، وفضيلة التوكل، وفضيلة الخوف، وفضيلة الخمول، وفضيلة التواضع، وفضيلة الجوع.
ولم يعن الغزالي بشرح الفضائل الإيجابية: كالشجاعة، والإقدام، والحرص، وما إلى ذلك مما يحمل المرء على حفظ ما يملك، والسعي لنيل ما لا يجد. فإنه لا يكفي أن يسلم الرجل من الآفات النفسية، بل يجب أن يزود بكل مقومات الحياة. وخير للمرء أن يوصم برذائل القوة من أن يتخلى بفضائل الضعف. فإن الضعف شر كله، ولكن أكثر الناس لا يفقهون.
الفضائل الفردية
ويمكننا أن نقسم الفضائل إلى فردية واجتماعية، فالقناعة فضيلة فردية، لأنها تخص صاحبها بالذات. والأمانة فضيلة اجتماعية لأن المرء يحتاج إليها حين يعامل الناس.
والغزالي يعنى في الأغلب بالفضائل الفردية، حتى لتحسبه يكتب مؤلفاته لأفراد يعيشون في عزلة وانفراد. فلو أنك أردت أن تدخل في عالم السكون لوجدت لدى الغزالي من آداب الوحدة والعزلة ما يقنعك ويرضيك. ولكنك لو أردت أن تدخل في عالم السياسة لما وجدت لديه فكرة واحدة يمكن أن تكون نبراسا يهتدي به الساسة من الوزراء والسفراء.
درجات الأخلاق
وبعد معرفة أمهات الفضائل وما لها من الفروع، يخطر بالبال هذا السؤال: هل يرى الغزالي أن في مقدور المرء أن يصل إلى أعلى درجات الأخلاق؟
ونجيب بأنه يرى ذلك في مقدور المرء، وانظر قوله:
صفحة غير معروفة