قد نسينا العطلات التي تفرضها الإضرابات فتضيع وقت التلاميذ وتفقد بها المدرسة مهابتها؛ لأنها تقف مكتوفة اليدين حين تسود الغوغاء.
أجل لقد فقدت أكثر المدارس سلطانها فضاعت البقية الباقية من هيبة المعلم.
المعلم أحد اثنين، إما ذو عضلات وقوة جسدية يكبل يديه القانون الذي يمنع الضرب، أو أنه قليل الظل فيضربه التلاميذ ... وتحتاج إذ ذاك المدرسة إلى مدير سرك يحكم بالسوط.
نحن لا نحبذ التربية بالقوة، ولكن بعد تجارب خمس وخمسين سنة تبين لنا أن ابن الإنسان هو ابن عم الدب كلالة، لا يعلمه إلا العصا. وقد قرأت في هذا العام أن إنكلترا رأت أن المعلمين فقدوا سلطانهم، فصارت السلطة للتلميذ حين بطل الضرب.
هذا من حيث التلاميذ. أما المدارس فملقى حبلها على غاربها، وما من يسأل عنها.
إننا نضع الحق على المنهاج. نعم، إن على المنهاج حقا، ولكن ليس كل الحق، فقبل أن نطبق المنهاج يجب أن نهيئ للتلميذ انضباطا يؤدي إلى الانتباه.
في أرضنا نضع الحق دائما على القوانين ونحاول إصلاحها، وكيف تصطلح القوانين إذا كان القيمون عليها غير قادرين؟
أسمعهم يقولون: «إن اللغة العربية صعبة المنال، فكيف يتعلمها أبناؤنا وهي على ما هي؟»
وإذا حكينا بصراحة قلنا: «علينا أن نعلم المعلمين أولا كيف يعلموا اللغة وأصولها.» «بادروا إلى حجز محلاتكم»، هكذا يقولون في آخر كل إعلان مدرسي. ويكون عندنا مائة مقعد وندعو ألفا، ويكون عندنا مكان يضيق عن المائة فنقبل ثلاثمائة.
وإذا فتشنا آخر العام المدرسي عن طالب ذي شخصية فلا نجده؛ لأن أساليبنا لا تكتشف الشخصيات. فالطالب بوق ينفخ فيه معلمه ألحانا ناشزة أكثرها مما وضعه القدماء من الذين عالجوا نقد الأدب.
صفحة غير معروفة