وفتح الباب، ووقفت على عتبته سيدة ضخمة مهيبة، ترتدي قميص نوم خفيفا جدا، لونه أصفر باهت كقشر الليمون. ووجم سامح وكاد يجري، ولكنه تماسك، وعرف أن التي فتحت هي أم فاتن، رغم وجهها الخالي من المساحيق.
وقبل أن يحدث أي شيء، ابتسمت له السيدة ابتسامة كبيرة وانحنت ناحيته، وقالت: يوه ... هو انت يا حبيبي؟! ... أنا رخرة قلت مين اللي بيضرب الجرس ده ومالوش خيال ... عايز إيه يا حبيبي؟ عايز الهون؟ ... ماما بتعمل كفتة؟
ولم يجب سامح في الحال ... مد بصره من خلال وقفة الأم العريضة وقميصها الشفاف، وما بقي من الباب في فراغ، محاولا أن يرى فاتن ... ولكنه لم يجد لها أثرا؛ لا في الصالة، ولا في الحجرة القريبة المواربة للباب، ولا بجوار الراديو تعبث بمفاتيحه.
وقال بجرأة منقطعة: عايز ... عايز فاتن تلعب معايا.
وضحكت الأم، وانحنت وقبلته وقالت: كده؟ طيب حاضر يا حبيبي.
وانبسط سامح، وانبسط أكثر حين التفتت إلى الخلف، ونادت: فاتن. سيبي الغسيل أحسن تبلي هدومك ... وتعالي ... تعالي علشان تلعبي مع ابن أم سامح.
ثم التفتت إلى سامح قائلة: بس اوع تزعلها يا حبيبي ... لحسن مخليهاش تلعب معاك بعد كده أبدا.
وقال سامح بحماس وعيون صغيرة ذكية تبرق: إن زعلتها يا تانت، ما تخليهاش تلعب معايا تاني.
فقالت أم فاتن وهي تتركه وتستدير: وما تنساش تسلم لي على مامتك، وتقول لها ما بتزرناش ليه؟
ثم دخلت السيدة إلى الحمام، وهي تهتز وتتدحرج.
صفحة غير معروفة