ويقول: "كم أداريكم كما تدارى البكار العمدة والثياب المتداعية إن حيصت من جانب تهتكت من آخر، وكلما أطل عليكم منسر من مناسر أهل الشام أغلق كل رجل منكم بابه وانجحر انجحار الضبة في جحرها والضبع في وجارها".
وأيضا في خطبة أخرى:"من رمى بكم فقد رمى أفوق ناصل، إنكم والله لكثير في الباحات، قليل تحت الرايات".
وهذه الخطب كلها ذكرها الرضى في نهج البلاغة، وغيره من الإمامية أيضا رووها في كتبهم.
وقال علي بن موسى بن طاووس(1) سبط محمد بن الحسن الطوسي: إن أمير المؤمنين كان يدعو الناس على منبر الكوفة إلى قتال البغة، فما أجابه إلا رجلان، فتنفس الصعداء وقال: أين يقعان. ثم قال ابن طاووس: إن هؤلاء مع اعتقادهم فرض طاعته وأنه صاحب الحق، وأن الذين ينازعونه على الباطل. وكان عليه السلام يداريهم ولكن لا تجديه المداراة نفعا. وقد سمع قوما من هؤلاء ينالون منه في مسجد الكوفة ويستخفون به، فأخذ بعضادتي الباب وأنشد متمثلا:
هنيئا مريئا غير داء مخامر ... ... لعزة من أعراضنا ما استحلت
فيئس منهم كلهم، ودعا على هؤلاء الذين يدعون شيعته بقوله: "قاتلكم الله، وقبحا لكم وترحا". ونحوها.
وكذا حلف على أن لا يصدق قولهم أبدا. ووصفهم في مواضع كثيرة بالعصيان لأوامره وعدم استماعهم وقبولهم لكلامه، وأظهر البراءة من رؤيتهم.
وهؤلاء لم يكن لهم وظيفة سوى الحط على حضرة الأمير رضي الله عنه وذمهم له، وحاشاه.
صفحة ٤٤