227

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

محقق

سامي مكي العاني

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

مكان النشر

بيروت

فَذَاكَ بِعَوْنِ اللَّهِ يَدْعُو إِلَى الْهُدَى ... وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْبَغْي وَالنُّكْرِ
وَصِيُّ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى وَابْنُ عَمِّهِ ... وَقَاتِلُ فُرْسَانِ الضَّلالَةِ وَالْكُفْرِ
وَهَذَا بِحَمْدِ اللَّهِ يَهْدِي مِنَ الْعَمَى ... وَيَفْتَحُ آذَانًا ثُقِلْنَ مِنَ الْوَقْرِ
نَجِيُّ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْغَارِ وَحْدَهُ ... وَصَاحِبُهُ الصدِّيقُ فِي سَالِفِ الدَّهْرِ
فَلَوْلا اتِّقَاءُ اللَّهُ لَمْ تَذْهَبُوا بِهَا ... وَلَكِنَّ هَذَا الْخَيْرَ أَجْمعُ لِلصَّبْرِ
وَلَمْ نَرْضَ إِلا بِالرِّضَا وَلَرُبَّمَا ... ضَرَبْنَا بِأَيْدِينَا إِلَى أَسْفَلِ الْقِدْرِ
فَلَمَّا انْتَهَى شِعْرُ النُّعْمَانِ وَكَلامُهُ إِلَى قُرَيْشٍ غَضِبَ كَثِيرٌ مِنْهَا، وَأَلْفَى ذَلِكَ قُدُومَ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ مِنَ الْيَمَنِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا، وَكَانَ لَهُ وَلأَخِيهِ أَثَرٌ عَظِيمٌ فِي الإِسْلامِ، وَهُمَا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَلَهُمَا عِبَادَةٌ وَفَضْلٌ.
فَغَضِبَ لِلأَنْصَارِ، وَشَتَمَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّ عَمْرًا دَخَلَ فِي الإِسْلامِ حِينَ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنَ الدُّخُولِ فِيهِ، فَلَمَّا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَكِيدَهُ بِيَدِهِ كَادَهُ بِلِسَانِهِ، وَإِنَّ مِنْ كَيْدِهِ الإِسْلامَ تَفْرِيقَهُ وَقَطْعَهُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ.
وَاللَّهِ مَا حَارَبْنَاهُمْ لِلدِّينِ وَلا لِلدُّنْيَا، لَقَدْ بَذَلُوا دِمَاءَهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى فِينَا وَمَا بَذَلْنَا دِمَاءَنَا لِلَّهِ فِيهِمْ، وَقَاسَمُونَا دِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَمَا فَعَلْنَا مِثْلَ ذَلِكَ بِهِمْ، وَآثَرُونَا عَلَى الْفَقْرِ، وَحَرَمْنَاهُمْ عَلَى الْغِنَى، وَلَقَدْ وَصَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِهِمْ، وَعَزَّاهُمْ عَنْ جَفْوَةِ السُّلْطَانِ، فَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ وَإِيَّاكُمُ الْخَلَفَ الْمُضَيِّعَ، وَالسُّلْطَانَ الْجَانِيَ.
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فِي ذَلِكَ:
تَفَوَّهَ عَمْرٌو بِالَّذِي لا نُرِيدُهُ ... وَصَرَّحَ لِلأَنْصَارِ عَنْ شَنْأَةِ الْبُغْضِ
فَإِنْ تَكُنِ الأَنْصَارُ زَلَّتْ فَإِنَّنَا ... نُقِيلُ وَلا نَجْزِيهِمُ الْقَرْضَ بِالْقَرْضِ
فَلا تَقْطِعَنْ يَا عَمْرُو مَا كَانَ بَيْنَنَا ... وَلا تَحْمِلَنْ يَا عَمْرُو بَعْضًا عَلَى بَعْضِ
أَتَنْسَى لَهُمْ يَا عَمْرُو مَا كَانَ مِنْهُمُ ... لَيَالِيَ جِئْنَاهُمْ مِنَ النَّفْلِ وَالْفَرْضِ
وَقِسْمَتَنَا الأَمْوَالَ كَاللَّحْمِ بِالْمِدَى ... وَقِسْمَتَنَا الأَوْطَانَ كُلٌّ بِهِ يَقْضِي
لَيَالِيَ كُلُّ النَّاسِ بِالْكُفْرِ جَهْرَةٌ ... ثِقَالٌ عَلَيْنَا مُجْمِعُونَ عَلَى الْبُغْضِ
فَسَاوَوْا وَآوَوْا وَانْتَهَيْنَا إِلَى الْمُنَى ... وَقَرَّ قَرَارُنَا مِنَ الأَمْنِ وَالْخَفْضِ

1 / 227