179

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

محقق

سامي مكي العاني

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

مكان النشر

بيروت

حَدَّثَنِي الْعُتْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " وَقَعَ مِيَرَاثٌ بَيْنَ نَاسٍ مِنَ آلِ أَبِي سُفْيَانَ وَبَنِي مَرْوَانَ، فَتَشَاحُّوا فِيهِ، وَتَضَايَقُوا فَلَمَّا قَامُوا، أَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ عَلَى وَلَدِهِ، فَقَالَ: إِنَّ لِقُرَيْشٍ دَرَجًا تَزُّلُ عَنْهَا أَقْدَامُ الرِّجَالِ، وَأَفْعَالا تَخْشَعُ لَهَا رِقَابُ الأَمْوَالِ، وَأَلْسُنًا تَكَلُّ مَعَهَا الشِّفَارُ الْمَشْحُوذَةُ، وَغَايَاتٍ تَقْصُرُ عَنْهَا الْجِيَادُ الْمَنْسُوبَةُ، فَلَوْ كَانْتِ الدُّنْيَا لَهُمْ، لَضَاقَتْ عَنْ سَعَةِ أَخْلاقِهِمْ، وَلَوِ احْتَفْلَتِ الدُّنْيَا مَا تَزَيَّنَتْ إِلا بِهِمْ، ثُمَّ إِنَّ أُنَاسًا مِنْهُمْ تَخَلَّقُوا بِأَخْلاقِ الْعَوَامِّ، فَصَارَ لَهُمْ رِفْقٌ باللُّؤْمِ، وَخُرْقٌ بِالْحِرْصِ، فَلَوْ أَمَكَنَهُمْ قَاسَمُوا الطَّيْرَ أَرْزَاقَهَا، إِنْ خَافُوا مَكْرُوهًا تَعَجَّلُوا لَهُ الْغَمَّ، وَإِنْ عُجِّلَتْ لَهُمْ نِعْمَةٌ أَخَّرُوا عَلَيْهَا الشُّكْرَ، أَنْضَاءُ ذِكْرِ الْعَجْزِ، وَعَجَزَةُ حَمَلَةِ الشُّكْرِ وحدثني أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " قَطَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَنْ آلِ أَبِي سُفْيَانَ أَشْيَاءَ كَانَ يُجْرِيهَا عَلَيْهِمْ، لِتَبَاعُدٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَدْنَى حَقِّكَ مُتْعبٌ، وَتَقَصِّيِهِ فَادِحٌ، وَلَنَا مَعَ حَقِّكَ عَلَيْنَا حَقٌّ عَلَيْكَ، لِقَرَابَتِنَا مِنْكَ، وَإِكْرَامِ سَلَفِنَا لَكَ، فَانْظُرْ إِلَيْنَا بِالْعَيْنِ الَّتِي نَظَرُوا بِهَا إِلَيْكَ، وَضَعْنَا بِحَيْثُ وَضَعَتْنَا الرَّحِمُ مِنْكَ، وَزِدْنَا بِقَدْرِ مَا زَادَكَ اللَّهُ. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَفْعَلُ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ عَطِيَّتِي مَنِ اسْتَعْطَاهَا، فَأَمَّا مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَسْتَغْنِي بِنَفْسِهِ فَسَنَكِلُهُ إِلَى ذَلِكَ. يُعَرِّضُ بِخَالِدٍ، ثُمَّ أَقْطَعَ عَمْرًا هِزَارَدرّ.

1 / 179