الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

الزبير بن بكار ت. 256 هجري
123

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

محقق

سامي مكي العاني

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

مكان النشر

بيروت

فَقَالَ عُتْبَةُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْكَ، وَأَسْتَعِينُهُ عَلَيْكَ، فَقَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِغِنَاكَ، فَلَيْتَ إِسْرَاعِي إِلِيكَ يَقُومُ بِإِبْطَائِي عَنْكَ ١٨٣ - حُدِّثْتُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَدْعَانَ، " أَنَّ أَنَسًا لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ لَهُ: يَا خِبْثَةُ، شَيْخًا جَوَّالا فِي الْفِتَنِ، مَعَ أَبِي تُرَابٍ مَرَّةً، وَمَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ أُخْرَى، وَمَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ مَرَّةً، وَمَعَ ابْنِ الْجَارُودِ أُخْرَى، أَمَا وَاللَّهِ لَأُجَرِّدَنَّكَ جَرْدَ الضَّبِّ وَلَأَقْلَعَنَّكَ قَلَعَ الصَّمْغَةِ، وَلَأَحْزِمَنَّكَ حَزْمَ السَّلَمَةِ، الْعَجَبُ مِنْ هَؤُلاءِ الأَشْرَارِ، أَهْلُ الْبُخْلِ وَالنِّفَاقِ. قَالَ عَلَيُّ بْنُ زَيْدٍ: فَقَالَ أَنَسٌ لَمَّا خَرَجَ: وَاللَّهِ لَوْلا وَلَدَيَّ لَأَجَبْتُهُ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِمَا كَانَ مِنَ الْحَجَّاجِ إِلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ كِتَابًا مَعَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ، فَقَدِمَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَبَدَأَ بِأَنَسٍ، فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَكْبَرَ مَا كَانَ مِنَ الْحَجَّاجِ إِلَيْكَ، وَأَعْظَمَ ذَلِكَ، وَأَنَا لَكَ نَاصِحٌ، إِنَّ الْحَجَّاجَ لا يَعْدِلُهُ أَحَدٌ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْهِ أنْ يَأْتِيَكَ، وَأَنَا أَرَى لَكَ أَنْ تَأْتِيَهُ فَيَعْتَذِرُ إِلَيْكَ، فَتَخْرُجَ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ لَكَ مُعَظِّمٌ وَبِحَقِّكَ عَارِفٌ. قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ أَتَى الْحَجَّاجَ، فَأَعْطَاهُ كِتَابَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَجَعَلَ يَقْرَؤُهُ، وَوَجْهُهُ يَتَغَيَّرُ، فَأَقْبَلَ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: غَفَرَ اللَّهُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، مَا كُنْتُ أَرَاهُ يَبْلُغُ مِنِّي هَذَا. قَالَ إِسْمَاعِيلُ: ثُمَّ رَمَى الْكِتَابُ إِلَيَّ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنِّي قَدْ قَرَأْتُ مَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: قُمْ بِنَا إِلَى أَنَسٍ. فَقُلْتُ: بَلْ يَأْتِيكَ. فَأَتَيْتُ أَنَسًا، فَقُلْتُ: اذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ، فَأَتَاهُ، فَرَحَّبَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: عَجِلْتَ بِاللائِمَةِ يَا أَبَا حَمْزَةَ، إِنَّ الَّذِي كَانَ مِنِّي إِلَيْكَ عَلَى غَيْرِ تَأنِيَةٍ، وَلَكِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ لا يُحِسُّونَ للَّهَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا يُقِيمُ حُجَّتَهُ، وَمَعَ هَذَا إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ يَعْلَمَ مُنَافِقُوا أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَفُسَّاقُهُمْ أَنِّي مَتَى أَقْدَمْتُ عَلَيْكَ، فَهُمْ عَلَيَّ أَهْوَنُ، وَأَنَا إِلَيْهِمْ أَسْرَعُ، وَلَكَ الْعُتْبَى وَالْكَرَامَةُ، فَقَالَ أَنَسٌ: مَا عَجِلْتُ بِاللائِمَةِ حَتَّى تَنَاوَلَنَا الْعَامَّةُ دُونَ الْخَاصَّةِ، وَحَتَّى سَمَّيْتَنَا الأَشْرَارَ، وَقَدْ سَمَّانَا اللَّهُ الأَنْصَارَ، وَزَعَمْتَ أَنَّا أَهْلُ بُخْلٍ، وَنَحْنُ الْمُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَزَعَمْتَ أَنَّا أَهْلُ النِّفَاقِ وَنَحْنُ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ.

1 / 123