بعد مقتل النفس الزكيّة وأخيه إبراهيم وتواري عيسى بن زيد الذي بثّ دعاته في الأمصار كما مرّ معنا [١]، يبدو أن الزيديّة أخذت تلتف حول الحسين ابن علي بن الحسن المثلث بن علي بن أبي طالب، خاصة بعد وفاة عيسى بن زيد سنة ١٦٦/ ٧٨٢.
ويمكننا أن نستشف من المصادر أن الحسين هذا كان سيّد قومه فهو الذي شفع لعلي بن العبّاس بن الحسن عند المهدي فوهبه له بعد أن كان علي قد دعا لنفسه ببغداد، وهو الذي قدم على المهدي وطلب صلته ورفده لسداد دين كان قد ركبه. ويحدس المتأمّل في أخبار الحسين بن علي أن انفاقه الضخم [٢]-وإن كان يشير إلى رغبة الرواة في إظهار كرمه والمبالغة فيه- يوحي بأنه كان ينفق في سبيل الدعوة وجمع الرجال، وهذا قد يفسر لنا شفاعته في علي بن العباس، الذي كان خرج في خلافة المهدي، لاحتوائه ومن بايعه. ولا نعلم دعاة للحسين الفخّي، غير أنّ أبا الفرج يذكر أن سبعين رجلا من الشيعة-ولم يذكر بلادهم-وافوه موسم الحج سنة ١٦٩/ ٧٨٥ [٣].
ويذكر أحمد بن سهل الرازي صاحب «أخبار فخ» [٤] أن نحوا من ثلاثين ألف رجل من أهل البصائر والثبات بايعوا الحسين وأنه واعدهم عرفات وجعل الأمارة بينه وبينهم صاحب الجمل الأحمر. . . وأن يحيى بن عبد الله صار إلى مكة مسيرا، فوقف على الصفا فجعل ينادي: رحم الله من يعرف الجمل الأحمر، فكان يمرّ به من بايعه فيعرفه يحيى فيعرض عنه وقد رآه وسمع صوته [٥].
_________
[١] انظر ما تقدم ص ٣٢.
[٢] قارن بمقاتل الطالبيين ٤٣٨ - ٤٤٣ (ط ٢.٣٦٨ - ٣٧١).
[٣] مقاتل الطالبيين ٤٤٣.
[٤] أخبار فخ ١٤٢.
[٥] أخبار فخ ١٤٧.
1 / 42