آكام المرجان في أحكام الجان
محقق
إبراهيم محمد الجمل
الناشر
مكتبة القرآن-مصر
مكان النشر
القاهرة
من أهل الشَّام أَنه سمع عبد الله بن مَسْعُود يَقُول إِن رَسُول الله ﷺ قَالَ لأَصْحَابه وَهُوَ بِمَكَّة من أحب مِنْكُم أَن يحضر اللَّيْلَة أَمر الْجِنّ فَلْيفْعَل فَلم يحضر أحد مِنْهُم غَيْرِي فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّة خطّ بِرجلِهِ خطا ثمَّ أَمرنِي أَن أَجْلِس فِيهِ ثمَّ أَنطلق حَتَّى قَامَ فَافْتتحَ الْقُرْآن فَغَشِيتهُ أَسْوِدَة كَثِيرَة حَالَتْ بيني وَبَينه حَتَّى مَا سمع صَوته ثمَّ انْطَلقُوا فطفقوا يَتَقَطَّعُون مثل قطع السَّحَاب ذَاهِبين حَتَّى بَقِي مِنْهُم رَهْط وَفرغ رَسُول الله ﷺ مَعَ الْفجْر وَانْطَلق فبرز ثمَّ أَتَانِي فَقَالَ مَا فعل الرَّهْط فَقلت هم أُولَئِكَ يَا رَسُول الله فَأخذ عظما وَرَوْثًا فَأَعْطَاهُمْ زادا ثمَّ نهى أَن يَسْتَطِيب أحد بِعظم أَو رَوْث وَوَقع فِي بعض الرِّوَايَات قَالَ ابْن مَسْعُود سَمِعت الْجِنّ تَقول للنَّبِي ﷺ من يشْهد أَنَّك رَسُول الله وَكَانَ قَرِيبا من ذَلِك شَجَرَة فَقَالَ لَهُم النَّبِي ﷺ أَرَأَيْتُم إِن شهِدت هَذِه الشَّجَرَة أتؤمنون قَالُوا نعم فَدَعَا النَّبِي ﷺ فَأَقْبَلت قَالَ ابْن مَسْعُود فَلَقَد رَأَيْتهَا تجر أَغْصَانهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِي ﷺ تشهدين أَنِّي رَسُول الله قَالَت أشهد أَنَّك رَسُول الله أهـ قَالَ الْبَيْهَقِيّ يحْتَمل قَوْله فِي الحَدِيث الصَّحِيح مَا صَحبه منا أحدا أَرَادَ بِهِ فِي حَال ذَهَابه لقِرَاءَة الْقُرْآن عَلَيْهِم إِلَّا أَن مَا روى فِي هَذَا الحَدِيث من إِعْلَام أَصْحَابه بِخُرُوجِهِ اليهم يُخَالف مَا روى فِي الحَدِيث الصَّحِيح من فقدهم إِيَّاه حَتَّى قيل اغتيل أَو استطير إِلَّا أَن يكون المُرَاد بِمن فقد غير الَّذِي علم بِخُرُوجِهِ وَالله أعلم
قلت ظَاهر كَلَام ابْن مَسْعُود ففقدناه فالتمسناه وبتنا بشر لَيْلَة يدل على أَنه فَقده والتمسه وَبَات بشر لَيْلَة وَفِي هَذَا الحَدِيث قد علم بِخُرُوجِهِ وَخرج مَعَه وَرَأى الْجِنّ وَلم يُفَارق الْخط الَّذِي خطه لَهُ النَّبِي ﷺ حَتَّى عَاد إِلَيْهِ بعد الْفجْر فَكيف يَسْتَقِيم قَول الْبَيْهَقِيّ أَن يكون المُرَاد بِمن فَقده
1 / 76