آكام المرجان في أحكام الجان
محقق
إبراهيم محمد الجمل
الناشر
مكتبة القرآن-مصر
مكان النشر
القاهرة
الْبَاب الثَّانِي عشر
فِي أَن الشَّيْطَان يَأْكُل وَيشْرب بِشمَالِهِ
روى مُسلم وَمَالك وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله ﷺ قَالَ لَا يأكلن أحد مِنْكُم بِشمَالِهِ وَلَا يشربن بهَا فَإِن الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ وَيشْرب بهَا قَالَ وَكَانَ نَافِع يزِيد وَلَا يَأْخُذن بهَا وَلَا يعْطى وروى ابْن عبد الْبر بِسَنَدِهِ عَن أبي هُرَيْرَة ﵁ قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ إِذا أكل أحدكُم فَليَأْكُل بِيَمِينِهِ وليشرب بِيَمِينِهِ وليأخذ بِيَمِينِهِ وليعط بِيَمِينِهِ فَإِن الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ وَيشْرب بِشمَالِهِ وَيُعْطى بِشمَالِهِ وَيَأْخُذ بِشمَالِهِ أهـ قَالَ أَبُو عمر فِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على أَن الشَّيَاطِين يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ وَقد حمل قوم هَذَا الحَدِيث وَمَا كَانَ مثله على الْمجَاز فَقَالُوا فِي قَوْله إِن الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ أَي ان الْأكل بالشمال أكل يُحِبهُ الشَّيْطَان كَمَا قيل فِي الْحمرَة زِينَة الشَّيْطَان وَفِي الاتعاظ بالعمامة عمَّة الشَّيْطَان أَي أَن الْحمرَة وَمثل تِلْكَ الْعِمَامَة يزينها الشَّيْطَان وَيَدْعُو إِلَيْهَا وَكَذَلِكَ يَدْعُو إِلَى الْأكل بالشمال وَالشرب بالشمال ويزينه قَالَ أَبُو عمر وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِشَيْء وَلَا معنى لحمل شَيْء من الْكَلَام على الْمجَاز إِذا أمكنت فِيهِ الْحَقِيقَة بِوَجْه مَا وَقَالَ آخَرُونَ أكل الشَّيْطَان صَحِيح وَلكنه تشمم واسترواح لَا مضغ وَلَا بلع وَإِنَّمَا المضغ والبلع لِذَوي الجثث وَيكون استرواحه وتشممه من جِهَة شِمَاله وَيكون بذلك مشاركا فِي المَال قَالَ أَبُو عمر أَكثر أهل الْعلم بالتأويل يَقُول فِي قَوْله الله تَعَالَى ﴿وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد﴾ قَالُوا الْأَمْوَال الْإِنْفَاق فِي الْحَرَام وَالْأَوْلَاد فِي الزِّنَا وَالله تَعَالَى أعلم
1 / 57