خير من أن تفسكوا دما حراما وتكثروا سواد من سفكها" (¬1) .
والشكوى من إضطراب الزمان وفساد الناس ورقة الدين، وتفضيل العزلة عن هذا المجتمع
وتجنب أهله والإشتغال بالنفس كل هذه المعاني التي رأيناها فيما تقدم من أقوال أبي الحسن جناو بن فتى نجدها كذلك لدى زميله وتلميذه عبدالقهار بن خلف. فهو يقول فيما كتب له إلى يوسف وريون بن الحسن ردا على كتاب طلب إليه فيه أن يكون له عينا على قاضي شباهة (سبها) : " واعلم أني في معزل من هذا وذلك لما أراه من عنايتي بما في بيتي واشتغالي به، ولقد أقيم ما شاء الله وأنا غير عارف بما الناس فيه من الأمور إن شاء الله، ولو أن عندي ما يصلحني في عيالي لطبعت على بابي ثم لم أخرج على بشر ولم يدخل علي حتى ألحق بالله، إلا ما شاء الله من ذلك" (¬2) . ويقول في موضع آخر بعد هذا : وينبغي للعاقل أن يكون بصيرا بأهل زمانه مقبلا على شأنه" (¬3) . ثم يختم رسالته بهذا الدعاء " وأسأل الله أن يجعل غنائي في نفسي ويرزقني لزوم ما ينفعني والعمل به. وترك ما لا يعنيني واجتنابه فإن ذلك عليه يسير " (¬4) .
صفحة ١٧