305

أجنحة المكر الثلاثة

الناشر

دار القلم

الإصدار

الثامنة

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ٢٠٠٠ م

مكان النشر

دمشق

تصانيف

معاول الهدم، فيهدمون بنيان أمتهم لصالح أعدائهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
إن المجتمع الإسلامي المتقيد بتعاليم الإسلام مجتمع متماسك البنيان، قوي الأركان، متسامي الذروات، تبدو المجتمعات الأخرى أمامه كركامٍ من الصخر، أو كثيب من الرمل المتناثر، أو أقزامٍ من الأبنية المخلخلة التي تتلاعب بها الرياح، ومهما ارتقت فإنها لا تدانيه قوة وتماسكًا وسموًا، وذلك لأن كل عضو من أعضاء المجتمع الإسلامي العام المتقيد بتعاليم الإسلام يعمل في مكانه وموقعه من الجماعة بما يجب عليه تجاهها، ويؤدي واجب الطاعة لأولي الأمر من المسلمين، وتصل إليه حقوقه موفورة، ويبتغي بكل أمر من أموره مرضاة الله تعالى وثوابه، وتربطه بالمجتمع وبكل فرد من أفراده مجموعة من الأربطة المتينة، منها الأربطة التالية: الأخوة الإيمانية، والمودة المتبادلة، والحب في الله، والعدل، والإيثار، والتضحية، وتأدية الواجب، والمصاحبة والمعاشرة بالمعروف، والصدق، والأمانة، والوفاء بالعهد، والصدق في الوعد، وإفشاء السلام، واحترام الأخ المسلم وتكريمه، والصدق في الوعد، وإفشاء السلام، واحترام الأخ المسلم وتكريمه، والصدقة، والهبة والهدية، وإكرام الضيف، والتزاور في الله، وعيادة المريض، والإصلاح بين المتخاصمين، والتسامح، والعفو، وإبراء الذمة؛ ورحمة الكبير للصغير، وتوقير الصغير للكبير، إلى غير ذلك من أربطة اجتماعية.
ومعظم هذه الأربطة تنقطع بفصل المجتمع إلى طبقتين أو طبقات متنازعة على مصالح مادية، تدخل فيها عناصر الأنانية، والاستئثار، والطمع، وتفضيل الفرد نفسه بغير حق، والحقد، والحسد، والبغضاء.
إن التقسيم الطبقي من أخطر المسببات التي تأتي إلى القوة الحقيقية الكامنة، في مجتمع من المجتمعات فتبددها، وتجعلها كالهباء المنثور.
وكلا طرفي منحدر اليمين ومنحدر اليسار في العالم يحملان دسائس هذا التقسيم الطبقي، على أسس مادية بحتة اقتصادية وسياسية، وكلاهما يدركان خطورة تماسك المجتمعات الإسلامية على أسس روابطها المتينة الدينية والمادية والأدبية والوجدانية والعقلية، لذلك فهما يحاولان دائمًا تقسيم هذه الوحدة،

1 / 319