297

أجنحة المكر الثلاثة

الناشر

دار القلم

الإصدار

الثامنة

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ٢٠٠٠ م

مكان النشر

دمشق

تصانيف

فيصل وبعض آثارها في العالم الإسلامي والعالم العربي - ولا سيما في حرب رمضان ١٣٩٣هـ - قد أقضت مضاجع أعداء الإسلام، حتى رأوا أن يتخلصوا منه بأية وسيلة.
(٢) التجزئة باستغلال الخلافات السياسية
وقد عرف أعداء الإسلام المقنَعون منذ العصور الإسلامية الأولى كيف يستفيدون من الخلافات السياسية بين المسلمين، وقد بدأ ذلك في عصر الخلفاء الراشدين، واتسعت دائرته فيما وراءه من العصور.
وعرف أعداء الإسلام أيضًا كيف يصطنعون هذه الخلافات، ويثبتونها بين صفوف المسلمين.
وقد كان من الممكن أن تنحصر الخلافات السياسية في حدود صغيرة لا تتعداها في الزمان أو المكان أو الأشخاص، ولكن أعداء الإسلام المقنعين نشطوا نشاطًا كبيرًا في توسيع دائرة الخلافات السياسية، واتخذوا دائمًا خطة الانقسام إلى فريقين أو أكثر، وانضمام كل فريق إلى جهة من جهات التنازع السياسي، وإمعانه في تمكين الخلاف، وتعميق جذور التنازع، وشحن أفئدة الجهة التي اندس فيها بالحقد والضغينة على الجهة أو الجهات الأخرى المخالفة، ومهما عمل العقلاء والمصلحون لتقريب وجهات النظر، ومعالجة الجرح السياسي ليندمل ويعفي الزمن أثره، فإن هؤلاء المقنعين من أعداء الإسلام لا يرضيهم ذلك، بل يسرعون في الخفاء إلى إثارة الغبار في الوجوه، لتنعدم الرؤية الصحيحة، ويفتعلون الأحداث الجديدة بالتحريض، أو يدعون وجودها بالكذب، أو يبعثون من قبلهم من يندس لافتعالها، ثم يعمدون إلى الجرح السياسي الذي كاد يندمل فينكأونه من جديد، ويسوقون إليه موجة جديدة من موجات الحقد والضغينة، ثم يتركون لهاتين الجرثومتين ما تثيرانه في النفوس من الرغبة بالانتقام، ومع الانتقام تزداد شقة الخلاف، وتتسع الهوة ما بين الفرقاء المتنازعين وما بين أنصار كل منهم، وتمتد في الزمان والمكان والأشخاص.

1 / 311