20 يوليو
لست أحبذ بحال من الأحوال نصحك لي في قبول اقتراح السفير لمصاحبته إلى فينا، إنني أحتقر أن أكون مرءوسا وأحتقر المظاهر، والكل يعرف هذا الرجل عبوسا متعجرفا، تقول إن أمي تريد أن أشغل وظيفة ما، فاعلم أنني أبسم من هذا الرأي، ألا أعمل وأدأب دائما؟ ألا يعد تقشير البسلة كتقشير الفول؟ إن هذا العالم مطوي على الشقاء، وإن من يطلب أن يرضي الدنيا أكثر مما يرضي نفسه فيسعى إلى المال والجاه بطريق لا يلتئم وميوله، لهو في عرفي غر أبله.
الرسالة الخامسة والعشرون
24 يوليو
استمع جوابي الصريح على أسئلتك المتوالية عن تقدمي في التصوير؛ إنني لم أعن به في الأيام الأخيرة إلا قليلا.
كان أمامي منذ أيام قطعة تاريخية، فلم أتقدم فيها مطلقا، أو فعلت يسيرا، والحقيقة أنني الآن أميل إلى الطبيعة، فلا أستطيع أن أحيد عنها، إنني أفهمها أكثر من غيرها، وهي قدوتي في مختلف ما تخرج، ولكن الثابت أن حالتي العقلية الآن تسلبني قوة المثابرة والعناية اللازمتين لتصوير دقائق جمالها حق التصوير، كل محاولة يعوزها الإنجاز، وكل بداية تحتاج إلى إتمام، والأصباغ تختلط أمام ناظري، وربما أنجح أكثر من الآن إذا استعنت بشيء ما، ولو دام هذا المزاج لكان مقالي التالي طينا وشمعا.
بدأت صورة شارلوت ثلاث مرات، لم تفلح ريشتي في إحداها؛ فإن ما أرسم الآن ليس في شيء من حسن سابقه، ولست أفهم سبب هذا الانحطاط الغريب الذي يقلقني كثيرا، على أنني قد صورت منظرها الجانبي، فلأقنع به الآن.
الرسالة السادسة والعشرون
26 يوليو
كل ما تطلب حبيبتي شارلوت مقضي كما تريد، وإن أوامرها المقبلة لتزيدني سعادة وهناء. مري بما تهوين سيكون آخر أوامرك أحبها إلي. ولكن لي طلبة أزجيها إليك، هي ألا تستعملي الرمل لتجفيف مداد رسائلك؛ فقد كنت أقبل بشغف كتابا منك اليوم فدخل الرمل بين أسناني.
صفحة غير معروفة