أما الأسقف فلما خلا إلى مرقس كلمه في شأن دميانة، وأن إسطفانوس راغب في خطبتها وأثنى على الخطيب فأجابه مرقس بأنه يعلم منزلة المعلم حنا كاتب المارداني وقد صادق ابنه إسطفانوس وعاشره ولا يرى مانعا من عقد الخطبة وقال: «إن أمرا سعى فيه سيادة الأسقف نافذ لا محالة وما دميانة إلا ابنتكم المطيعة.»
فأثنى الأسقف عليه وقال: «على أن ولدنا إسطفانوس قد شكا إلي جفاء الفتاة ونفورها، فإذا كنت تعلم أنها تكره الزواج فقل لي؛ تفاديا لمشكلات ما بعد الزواج.»
قال مرقس: «تكره؟ كيف تكره مثل هذا النصيب؟ أحسبها تتردد حياء على عادة البنات في مثل هذه الحال. وهبها ترددت في أول الأمر، فلا بد من قبولها.»
قال الأسقف: «ألا يجوز أن تكون اختارت شابا آخر وقع من نفسها موقعا جميلا، فنفرت من إسطفانوس؟»
فهز مرقس رأسه استخفافا ودفعا لهذه التهمة، وقال: ما أنا ممن يخيرون بناتهم، ليس عندنا بنات تختار ، إن البنت العاقلة هي التي تعمل برأي أبيها وأحر بها أن تعمل برأي سيدنا الأسقف، ونحن كلنا طوع إرادته.
فتبسم الأسقف وأثنى على لطف مرقس ونهض يقول: «متى تضع عربون الخطبة؟»
قال: «في الوقت الذي تعينه سيادتكم.»
فشكر له ومشى فخف مرقس إلى الباب ففتحه له وكان أحد الشماسة ينتظر خروجه، فتقدم إليه بالصولجان، فتناوله وتلفت كأنه يبحث عن الرئيسة ليودعها، فتقدمت وقبلت يده فباركها، وقال لها: «أوصيك خيرا بدميانة سمية القديسة الشهيرة أين هي؟»
قالت: «في الصلاة فإنها لا تفتر عن العبادة حقا إنها من أهل التقوى.»
قال: «صحيح ولكن لا أظنها تنوي الترهب.» وضحك.
صفحة غير معروفة