قال: «إلى دنقلة يا سيدتي.» وضحك.
قالت: «وأين هي من هنا؟»
قال: «تبعد بضعة عشر يوما على الجمال.»
قالت: «هل هي من جهة مصر. فإذا وصلنا إليها نقرب من الفسطاط؟»
فضحك وقال: «إن مصر إلى يميننا ودنقلة إلى يسارنا، فإذا كنا الآن على بعد عشرين يوما من مصر فمتى صرنا في دنقلة نصبح على مسافة أربعين يوما عنها!»
فبغتت وانقبضت نفسها وأطرقت، فابتدرها سمعان قائلا: «لا تجزعي إننا لا نذهب إلى دنقلة، ولكنني سأذهب بك إلى أسوان وهي على يوم وبعض اليوم من هنا.» وخفض صوته وقال: «لأني عرفت من بعض المارين بنا أن ملك النوبة قدم إلى جوار أسوان متنكرا، ومتى بلغناها لا نكون بعيدين من مصر كثيرا.»
فأشرق وجهها وقالت: «بورك فيك، وهل لي أن أرجو بعد وصولنا إلى أسوان أن ترافقني إلى مصر لأكافئك على صنيعك؟»
قال: «سأكون في خدمتك حتى تصلي إلى مأمنك.»
فشكرته، وفي نيتها أن تكافئه إذا هو رافقها إلى مصر، ثم ذكرت ما كان من أمرها في الفسطاط واضطهاد أبيها، فكيف يكون مصيرها وهي تجهل ما دار بين زكريا وبين سعيد؟ وكان زكريا قد تركها في حلوان وذهب إلى بيت أبيها ليأتي بالأسطوانة ولقي سعيدا، ولما رجع ليخبرها بما حدث وجد أنها سبيت، فلم تكن تعرف شيئا عن حال أهل مصر، ولكنها توسمت في سمعان الرغبة في خدمتها، فأرادت أن يصحبها إلى مصر لتستخدمه في التفتيش عن زكريا أو سعيد. فأخذت تتأهب للرحيل معه إلى أسوان.
عند ملك النوبة
صفحة غير معروفة