فرفعت عينيها إليه - وقد تكسرت أهدابها من البكاء وذبلتا من الحزن والقنوط - وقالت: «قلت لك إن كثيرات من أمثالي يتمنين الحصول على هذه السعادة، ومع ذلك فإني أستعفيك منها ... واطلب مني ما شئت غير ذلك، قلت لك إني أكون خادمة، جارية، راعية، أكون أي شيء تريده غير الزواج.»
فقطع كلامها قائلا: «راعية خادمة؟ إن الخدم كثير عندنا؛ فإننا نبيع الأرقاء بالمئات.» فرفعت بصرها إليه وقد قنطت من الحياة. وكأن إلهاما هبط عليها فجأة فتغيرت سيماؤها وبان البشر والجد في محياها، فقالت له: «أأنت أمير تقود رجالك إلى القتال كثيرا؟»
قال: «نعم. وأي شيء في هذا؟»
قالت: «وأظنك تخسر كثيرا منهم أثناء الحرب؟»
قال: «كثير جدا.»
قالت: «وأنت أيضا لست في مأمن من الموت.»
قال: «إني لا أخاف الموت .»
قالت: «لم أقل إنك تخاف الموت، ولكنك تعرض نفسك للقتل.»
قال: «طبعا، ولكن ما معنى هذا الكلام، وما علاقته بما نحن فيه؟»
قالت: «تمهل أيها الأمير حتى النهاية. ألم يبلغك خبر العلوم السرية التي ورثناها عن أجدادنا الفراعنة علما وصناعة.»
صفحة غير معروفة