أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه

محمود الخفيف ت. 1380 هجري
105

أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه

تصانيف

قال الشيخ محمد عبده:

5 «حصلت مذاكرة في المذكرة التي قدمها وكلاء الدولتين بحضور سلطان باشا والنظار فوضع سؤال: هل يمكن لنا أن نجمع المجلس؟ فأجاب سلطان: أظن أن ذلك لا يكون إلا بأمر الخديو فنسأله في ذلك ولا ريب أنه يوافق عليه، فقال له أحد النظار: الخديو الذي كنت تطلب خلعه إن لم يكن قتله قبل أيام؟

قبل هذا جاء كلام في الخديو في جلسة فطلب سلطان باشا قتله وأبى عرابي، وكان سلطان يقول: اقتلوا الثعبان سلالة الجناة الناهبين الذين باعونا للأجانب ... هذا هو سلطان الذي كان رئيس الحزب الوطني، وهو لا يريد الآن إلا مجاملة الخديو، ذلك الخديو الذي لا يبغي إلا بيع البلاد للأجانب.

6

اجتماع مجلس النواب حق للشعب، ونحن نوابه، ولابد لنا أن نطلب النواب إلى القاهرة حتى لو أراد عرابي أن يوافي ما طلب من إبعاده إرضاء للساسية الأجنبية فليفعل، أما نحن فلا نخضع لمثل هذه المطالب مهما أدى إليه الخلاف ...

سلطان رجع عن رأيه إلى رأي الحاضرين مع الحيرة فيما وعد به الخديو والقنصلين وفيما اضطر إليه من موافقة الثائرين ...»

قررت الوزارة في غير تردد رفض هذه المذكرة المشتركة الثانية، وأبلغ هذا الرفض إلى ممثلي الدولتين. ومما جاء فيه قول الوزارة: «إن سعادة سلطان باشا صرح أمام الوزراء عند انعقاد مجلسهم بأن أعاد على رئيس مجلس الوزراء ذكر محادثة جرت بينه وبين قنصل جنرال فرنسا، وأنه لم يبدأ بذكر مقترحات أو إشارات لا يعنيه أن يقدمها ولا يبديها باسمه الشخصي، ولا بصفة كونه رئيس مجلس النواب فإن هذا المجلس غير ملتئم الآن، أما الطلبات المدونة في اللائحة التي قدمها قنصلا إنجلترا وفرنسا فتتعلق بمسائل داخلية تختص بالأمور الإدارية التي اعترفت الدول الكبرى دائما بأن حرية العمل فيها من خصائص الحكومة المصرية، ولا يمكن لحكومة الجناب الخديوي أن تولج في باب المناظرات والمباحثات في هذه القضايا بدون التعدي على الفرمانات السلطانية والمعاهدات الدولية التي حددت مقام مصر الخصوصي وبدون نقض القوانين الشورية لهذه البلاد التي هي أعظم كفالة تتكفل ببقاء الحال على ما هو عليه.»

وأصر الوزراء وفي مقدمتهم عرابي على موقفهم، هذا الموقف الوطني الجليل، وأيدهم كبار الضباط وأعلنوا أنهم معهم ولو أدى الأمر إلى القتال ...

ولكن ماذا عسى أن يغني عن الوزارة جلال موقفها في هذه الأزمة العصيبة، ولم يمض يوم واحد حتى قبل توفيق مذكرة الدولتين، وأعلن ذلك في غير تحرج من هذا الفعل على شناعته البالغة؟

ولم يجد البارودي بعد ذلك مناصا من الاستقالة، فكتب استقالة الوزارة على النحو التالي:

صفحة غير معروفة