هز كتفيه. وقال: «لا أعرف بالضبط طبيعة هذا الشيء. لكنه قد يكون أي شيء. لا أريدك أن تسيء فهمي، فالغضب مطلب أساسي لهذه الوظيفة. فهو السبب الوحيد لأي شخص يقرر أن يصبح منظما. أما عن الآخرين الذين يستطيعون التعامل مع المشكلات دون انفعال فيعملون في وظائف أكثر بعثا على الراحة والاسترخاء.»
طلب المزيد من الماء الساخن وحدثني عن نفسه؛ كان يهوديا في أواخر الثلاثينيات من عمره ترعرع في نيويورك. بالإضافة إلى ذلك، كان قد بدأ عمله التنظيمي في ستينيات القرن العشرين مع احتجاجات الطلاب، وظل مستمرا في هذا العمل لمدة 15 عاما. فعمل مع المزارعين في نبراسكا. ومع السود في فيلادلفيا. ومع المكسيكيين في شيكاغو. وحاول جمع شتات سود المدن وبيض الضواحي معا وإشراكهم في خطة لتوفير فرص عمل في مجال التصنيع في مدينة شيكاغو الكبيرة. وقال إنه بحاجة إلى شخص يعمل معه. شريطة أن يكون من ذوي البشرة السوداء.
قال مارتي: «معظم عملنا مع الكنائس.» وتابع: «وإذا كان الفقراء وأفراد الطبقة العاملة يريدون أن تصبح لهم سلطة حقيقية، فلا بد من أن يكون لديهم قاعدة مؤسسية. وفي ظل الاتحادات على هيئتها التي هي عليها الآن تعد الكنائس هي الخيار الوحيد. ففيها يتواجد الناس والقيم حتى وإن طغى عليها الهراء والزيف. ولكن الكنائس لن تساعدك من منطلق طيبة قلوب مسئوليها. حيث يتمثل دورهم في التحدث بكلام مقنع موجز سواء في عظات أيام الآحاد أو عند تقديم عروض خاصة للمشردين. ولكن عندما يجد الجد لن يتحرك هؤلاء المسئولون إلا إذا استطعت أن تشرح لهم كيف سيساعدهم تحركهم هذا في توفير المال لسداد فواتير التدفئة.»
صب مارتي كوفمان المزيد من الماء الساخن لنفسه. وسألني: «ماذا تعرف عن شيكاغو؟»
فكرت في الإجابة للحظة. ثم قلت في النهاية: «مجزر اللحوم للعالم.»
هز مارتي رأسه. وقال: «لقد أغلقت المجازر منذ زمن.» «وفريق «شيكاغو كابس» للبيسبول لم يفز قط.» «هذا صحيح.»
قلت له: «إن شيكاغو هي أكثر مدن أمريكا ممارسة للفصل العنصري. وتابعت: «بالإضافة إلى أن هارولد واشنطن - وهو رجل أسود - قد انتخب لتوه ليصبح عمدتها، وذوو البشرة البيضاء لا يحبونه.»
قال مارتي: «إذن فأنت تتابع ما يحرزه هارولد في حياته العملية.» وتابع: «إنني أتعجب من عدم عملك معه.» «لقد حاولت. لكنني لم أحصل على أي رد من مكتبه.»
ابتسم مارتي وخلع نظارته ونظف العدسات بطرف رابطة العنق. وقال: «حسنا، فهذا هو ما يجب عليك فعله إذا كنت شابا وأسود، إلى جانب اهتمامك بالقضايا الاجتماعية، أليس كذلك؟ حاول أن تعثر على حملة سياسية للعمل فيها. ابحث عن راع ذي سلطة يمكن أن يساعدك في حياتك العملية، ولا شك في أن هارولد ذو سلطة ورجل له جاذبيته. بالإضافة إلى امتلاكه تأييدا واسع النطاق في المجتمع الأسود. وما يقرب من نصف الهيسبانيين وحفنة من البيض الأحرار. في الواقع إنك على حق في شيء واحد. وهو أن الجو العام للمدينة منقسم إلى طرفين نقيضين، سيرك كبير لوسائل الإعلام. ولا ينجز الكثير من الأعمال.»
حينما ذكر كل هذه الأمور اتكأت للخلف على الكرسي. قلت: «ومن المسئول عن كل ذلك؟»
صفحة غير معروفة