وإن اجتمع النساء يبكين من غير صياح ولا شيء يكره من فعلهن، فقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قيل في أمر خالد بن الوليد رضي الله عنه: إن هاهنا نسوة قد اجتمعن يبكين على خالد بن الوليد، فقال عمر رضي الله عنه: دعهن يهرقن من دموعهن على أبي سليمان .
قال يحيى: أما الصراخ العالي والاجتماع عليه فهو مكروه، والنهي فيه قائم، كان فيه نواح أو لم يكن، كان بعد موته أو قبله .
وأما بكاء ليس فيه شيء يكره فلا نهي عنه، وهو عندي قول عمر رضي الله عنه، ألا ترى إلى قوله: دعهن يهرقن من دموعهن على أبي سليمان، فإنما هي عندي دموع تخرج بلا شيء يكره معه، والله أعلم .
قلت ليحيى ين عمر: فإن أتبع النساء الميت قيام بالصياح العالي ولطم الخدود ؟
قال يحيى: إذا نهين عن ذلك ولم ينتهين عوقبن على ذلك على استباحتهن ما لا يحل لهن فعله .
في خروج النساء إلى المقابر
وسألت يحيى بن عمر: عن الرجل يموت وتخرج أمه وأخته وامرأته، ويخرج معهن نساء من جيرانهن، إلى المقبرة ؟
وكذا سألته عن المرأة يموت زوجها أو ولدها أو بعض قرابتها فتعاهد قبره كل جمعة وغيره، فربما بكت بصياح وربما اجتمع إليها نساء يبكين بالصراخ العالي، فهل ترى أن يطردن وينهين عن الخروج أم ما ترى ؟
قال يحيى: لا أرى للنساء أن يخرجن للمقبرة للترحم على الأزواج والأولاد أصلا .
في النهي عن الخف والنعل الصرار
وسألت يحيى: عن الخف يعمله الخرازون مثل النعل الصرار، هل ينهون أن يعملوا الخفاف الصرارة ؟ فإن النساء يشترينها فيلبسنها فيصير في أرجلهن الصرار الشديد، فيشققن بها الأسواق ومجامع طروق الناس، فربما يكون الرجل غافلا في عمله فيسمع صرير ذلك الخف فيرفع رأسه، هل ينهى الخرازون عن عمل ذلك الخف ؟
وإن نهوا فلم ينتهوا أي شيء يصنع بهم ؟
صفحة ٣٥