الأحكام السلطانية

الماوردي ت. 450 هجري
91

الأحكام السلطانية

الناشر

دار الحديث

مكان النشر

القاهرة

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُهَادَنُوا عَلَى الْمُوَادَعَةِ فِي دِيَارِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُهَادَنَ أَهْلُ الْحَرْبِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالَحُوا عَلَى مَالٍ يُقَرُّونَ بِهِ عَلَى رِدَّتِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُصَالَحَ أَهْلُ الْحَرْبِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ وَلَا سَبْيُ نِسَائِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْتَرَقَّ أَهْلُ الْحَرْبِ وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْغَانِمُونَ أَمْوَالَهُمْ، وَيَمْلِكُونَ مَا غَنِمُوهُ مِنْ مَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵁: قَدْ صَارَتْ دِيَارُهُمْ بِالرِّدَّةِ دَارَ حَرْبٍ، وَيُسْبَوْنَ وَيُغْنَمُونَ، وَتَكُونُ أَرْضُهُمْ فَيْئًا وَهُمْ عِنْدَهُ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ. وَأَمَّا مَا تُفَارِقُ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ فَمِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: وُجُوبُ قِتَالِهِمْ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ كَالْمُشْرِكِينَ. وَالثَّانِي: إبَاحَةُ إمَائِهِمْ أَسْرَى وَمُمْتَنِعِينَ. وَالثَّالِثُ: تَصِيرُ أَمْوَالُهُمْ فَيْئًا لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ. وَالرَّابِعُ: بُطْلَانُ مُنَاكَحَتِهِمْ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى الرِّدَّةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَبْطُلُ مُنَاكَحَتُهُمْ بِارْتِدَادِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَلَا تَبْطُلُ بِارْتِدَادِهِمَا مَعًا، وَمَنِ ادُّعِيَتْ عَلَيْهِ الرِّدَّةُ فَأَنْكَرَهَا كَانَ قَوْلُهُ مَقْبُولًا بِغَيْرِ يَمِينِهِ، وَلَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالرِّدَّةِ لَمْ يَصِرْ مُسْلِمًا بِالْإِنْكَارِ حَتَّى يَتَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَإِذَا امْتَنَعَ قَوْمٌ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ إلَى الْإِمَامِ الْعَادِلِ جُحُودًا لَهَا كَانُوا بِالْجُحُودِ مُرْتَدِّينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَلَوْ امْتَنَعُوا مِنْ أَدَائِهَا مَعَ الِاعْتِرَافِ بِوُجُوبِهَا كَانُوا مِنْ بُغَاةِ الْمُسْلِمِينَ، يُقَاتَلُونَ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀: لَا يُقَاتَلُونَ. وَقَدْ قَاتَلَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ مَانِعِي الزَّكَاةِ، مَعَ تَمَسُّكِهِمْ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى قَالُوا: وَاَللَّهِ مَا كَفَرْنَا بَعْدَ إيمَانِنَا وَلَكِنْ شَحِحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا، فَقَالَ عُمَرُ ﵁: عَلَامَ تُقَاتِلُهُمْ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَه إلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا". قَالَ أَبُو

١ صحيح: رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير "٢٩٤٦"، ومسلم في كتاب الإيمان "٢١".

1 / 98