الأحكام السلطانية

أبو يعلى الحنبلي ت. 458 هجري
58

الأحكام السلطانية

الناشر

دار الكتب العلمية - بيروت

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

مكان النشر

لبنان

ثم انتشر الأمر من بعده حتى تجاهر الناس بالظلم، ولم تكفهم زواجر الفطنة، فاحتاجوا في ردع المتغلبين إلى ناظر المظالم الذي يمتزج به قوة السلطنة. فكان أول من أفرد للظلامات يومًا تصفح فيه قصص المتظلمين - من غير مباشرة النظر - عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. فَكَانَ إذَا وَقَفَ مِنْهَا عَلَى مُشْكِلٍ، أَوْ احْتَاجَ فِيهَا إلَى حُكْمٍ مُنَفَّذٍ، رَدَّهُ إلَى قَاضِيهِ أَبِي إدْرِيسَ الأودي، فينفذ فيه أحكامه. فَكَانَ أَبُو إدْرِيسَ هُوَ الْمُبَاشِرُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ الْآمِرُ. ثُمَّ زَادَ مِنْ جَوْرِ الْوُلَاةِ، وَظُلْمِ الْعُتَاةِ مَا لَمْ يَكْفِهِمْ عَنْهُ إلَّا أقوى الأيادي، فكان عمر ابن عبد العزيز أول من ندب نفسه للمظالم، وردّ مظالم بني أمية على أهلها. ثم جلس لها خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ جَمَاعَةٌ. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ جلس لها منهم: الْمَهْدِيُّ، ثُمَّ الْهَادِي، ثُمَّ الرَّشِيدُ، ثُمَّ الْمَأْمُونُ، وآخر من جلس لها منهم، الْمُهْتَدِي، حَتَّى عَادَتْ الْأَمْلَاكُ إلَى مُسْتَحِقِّيهَا. وَقَدْ كَانَ مُلُوكُ الْفُرْسِ يَرَوْنَ ذَلِكَ مِنْ قَوَاعِدِ الملك، وقوانين العدل.

1 / 75