أقول: لم لا يكون الإشارة إلى أن المانع من الإيجاب، هو أن فيه مشقة، إشارة إلى أنه سنة، على أن رواية مسلم(1) عن عائشة: ((كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سواكه، وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه(2)، فيتسوك، ويتوضأ، ويصلي ))، دليل على أن ذلك كان من عادته عليه الصلاة والسلام ، إلا أن يقال كان ذلك عادته عند القيام من النوم، لا عند كل وضوء. انتهى.
قلت: نسبة الاستحباب إلى صاحب ((الهداية))، كما صدر عنه زلة عن قلمه، وما نقله من عبارته لا أثر له في ((الهداية))، وإنما قال صاحب ((الهداية)) في التسمية، أن الأصح أنها مستحبة، وما اختاره من كونه سنة عند الوضوء، لإشارة حديث ((لأمرتهم بالسواك))، هو الحق الحقيق بالقبول.
ومن اختار استحبابه مشى على أن السنية إنما تثبت بالمواظبة، وإذ ليست، فليست.
وهو ممشى فاسد، ألا ترى إلى أنهم عدوا الآذان من السنن المؤكدة مع أنه لم يفعله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرة أيضا، فضلا عن المواظبة، كما سيأتي في موضعه.
فيلزم أن لا يكون سنة، والحق أن السنية، كما تثبت بالمواظبة، كذلك تثبت بالترغيب البالغ، وإظهار الاهتمام بالفعل، كما حققنا في ((تحفة الاخيار)).
صفحة ٣١