أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي
محقق
أبو عاصم الشوامي
الناشر
دار الذخائر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
تصانيف
علوم القرآن
تَبْدِيلَه من تلقاء نفسه.
وقوله: ﴿مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي﴾: بيانُ ما وَصَفْتُ مِنْ أَنَّهُ لا يَنْسَخُ كِتَابَ اللهِ إلا كِتَابُه، كما كان المُبْتَدِئَ لِفَرضِه، فهو المُزِيلُ المُثْبِتُ لِمَا شَاء مِنه جَلَّ ثَنَاؤُهُ ولا يكونُ ذَلِك لأحدٍ مِن خَلْقِه.
وكذلك (^١) قال: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩].
قيل يَمحُو فَرْضَ مَا يَشَاء (^٢)، وهذا يشبه ما قيل، واللَّهُ أَعْلَم.
وفي كتاب الله دلالة عليه؛ قال الله ﷿: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦].
فأخبر الله ﷿ أَنَّ نَسْخَ القُرآنِ، وتَأْخِيرَ إِنْزَالِهِ: لا يَكُونُ إلا بِقُرْآنٍ مِثْلِه. وقال: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ﴾ [النحل: ١٠١].
وهكذا سُنَةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ لا يَنْسَخُها إلا سُنَّةٌ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ» (^٣).
وبسط الكلام فيه.
قال الشافعي: «وقد قال بعض أهل العلم- في قوله تعالى: ﴿قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي﴾ - واللَّهُ أَعْلَم- دلالةٌ عَلى أنَّ اللهَ تعالى جَعَلَ لِرسُولِهِ ﷺ، أنْ يقولَ مِن تِلْقَاء نَفسِهِ بِتَوفِيقِه فيما لَم يُنزِل به كِتابًا، واللَّهُ أَعْلَم» (^٤).
_________
(^١) في «د»، و«ط» (ولذلك).
(^٢) زاد هنا في «الرسالة» (ويثبت فرض ما يشاء).
(^٣) «الرسالة» (ص ١٠٦: ١٠٨).
(^٤) «الرسالة» (ص ١٠٧).
1 / 81